خلق الله -عز وجل- البشر وجعل بينهم فروقاً واختلافات في جميع الخصائص لكل منهم، فلكلّ فرد خصائص معيّنة تميّزه عن غيره وتجعل منه فرداً مختلفاً، وبالرغم من وجود تشابه في الخصائص العامة لأنواع الشخصيات بين البشر إلا أنّ لكلّ فرد أوجها معيّنة تميّزه عن غيره من الأفراد في المجتمع فشخصية الإنسان كبصمته، هي التي تجعل منه فرداً مختلفاً ومتميّزاً.
الشخصية هي جوهر الإنسان من الداخل والخارج، تصوراته الحياتية وأفكاره ومواصفاته ومقدار تذوقه للأمور ونفسيته، فالشخصية عبارة عن هيكل يرتديه الإنسان ليعرف به عن نفسه، أمام نفسه وأمام الآخرين، وتُعدّ دراسة الشخصيات من المواضيع التي اهتمت بها العلوم القديمة والحديثة كعلم النفس، وبالرغم من تعدد الحضارات، والثقافات، والديانات، والعادات، وأساليب التنشئة الأسرية، إلا أنّ هناك ملامح عامة تحدّد نمط الشخصية، وهي على ارتباطٍ وثيقٍ بجميع مراحل الإنسان الحياتية، فالشخصية هي نتاج تجارب، ومواقف، وأحداثٍ، وتصرفاتٍ عدة، منها ما هو نفسي ومنها ما هو عاطفي وجداني، ومنها ما هو عقلي، كل تلك الجوانب تبلورت وامتزجت لتكون شخصا معينًا يتمتع بمجموعةٍ من التجارب الحياتية والخبرات اليومية والعادات والتقاليد والتي تتغير حسب الظروف والمواقف، فالشخصية تتغير من فترة إلى أخرى تبعًا للزمن والمكان والظروف والحالة التي يعيشها الإنسان، وقد تطرق علم النفس إلى تصنيف تلك الشخصيات مستندًا إلى جوانب كثيرة، كالعامل الوراثي الذي يحدد انتقال بعض الصفات من الأب والأم إلى الأبناء، والمضمون النفسي والجسمي وهو الذي يعتمد على أثر الدماغ في تصرفات الإنسان ومشاعره من خلال المناطق الحيوية، والتنشئة الأُسرية التي لها دور بين الأبناء على تكوينهم وتشكيلهم، كما أنها تؤثر على الجانب النفسي لديهم، إما سلبًا أو إيجابًا، حيث يعمل الاستقرار الأسري على إيجاد شخصيات أكثر أمنًا وراحة كما أن التجارب وتفاعل الإنسان مع محيطه وجميع الظروف التي يمر بها تكسب الشخص العديد من الصفات مثل اللين أو الصلابة وغيرهما الكثير من الصفات، وهذه الصفات تكون كالأساس الذي يبني الشخصية.
اختلفت الدراسات في عدد أنماط الشخصية، منها ما يقول إنها أربعة ومنها ما يقول إنها تسعة أنواع ومنها ما يقول عشرة وثلاثة عشر...... إلخ، لا يسع المقال هنا لذكرها، ولكن هناك الكثير من كتب النفسية التي أوردتها بإسهاب ويستطيع أي شخص الاطلاع عليها حيث أوجد علماء النفس بعض طرق "اختبار الشخصية" ومعرفة أنماطها، ومن طرق "اختبار الشخصية" ما يعرف بـ "تحليل أنماط الشخصية" باسخدام أسلوب "MBTI"، فهذا الاختبار يؤدي إلى تحليل الشخصية بشكل دقيق نوعا ما، وقد تم هذا الاختبار على ملايين البشر بأكثر من ثلاثين لغة فهو يعتبر أشهر مقياس نفسي، وبلغت نسبة مصداقيته 85% ونسبة الخطأ فيه لم تتجاوز 15% لذا فإنه يعتبر من أدق "اختبارات تحليل الشخصية". ففوائده مهمة إذ تساعد الإنسان على فهم نفسه وفهم الآخرين والتواصل معهم بفعالية، وفهم الفروق الفردية الطبيعية بين الناس والتعامل معها بإيجابية كذلك مهم لأصحاب الأعمال والمديرين، الذين يتطلعون لتعيين موظفين جدد، وكذلك لمقدمي الخدمات في مجال رعاية الصحة العقلية وغيرها.