هدفان للمناورات
وفي تفسير لتلك الاجراءات العسكرية من قبل موسكو، يرى المحلل السياسي الروسي يفغيني سيدروف، أن هناك هدفين للمناورات، الأول، استعراض للقوة والجاهزية للرد على أي خطوة تراها موسكو استفزازية، او مقدمة لاستخدام القوة من قبل التحالف الدولي، الامر الثاني منها، أنها ربما تجرى في سياق الخطة العسكرية العامة الموجودة لدى أركان الجيش وتقضي إجراء مناورات في مختلف مناطق العالم ولكن تنفيذها قبالة سوريا يشير الى أن روسيا على استعداد للتصدي لأي هجوم محتمل من التحالف الدولي.
وعلل سيدروف أن مثل هذه الخطوة مبررة من قبل روسيا، ولفت إلى انها تحذير لأي ضربة لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة بذريعة استخدام النظام السوري أسلحة كيماوية، وقال: وهي ليست المرة الأولى التي تستغل فيها مثل هذه الذريعة -حسب تعبيره- من قبل قوات التحالف الدولي لاستهداف جيش الأسد، وبالتالي تعزيز التواجد العسكري البحري قبالة السواحل السورية يعتمد على مبررات وأسباب ودوافع من قبل الجانب الروسي.
ضربات محتملة
وبشأن تصريحات وزير الدفاع الأمريكي التي قال فيها: لا توجد أي نية لضربات محتملة على النظام السوري، قال سيدروف: «البنتاغون» يلجأ الى تكتيك يخفي مخططاته الواقعية، ومن اللافت أن هذه الحملة التي تشنها الولايات المتحدة وحلفاؤها ليست بأمر جديد، ففي ابريل الماضي استغلت ذلك لضرب مواقع لجيش النظام الذي اُتهم باستخدام الغازات المحرمة دوليا، بالرغم من أن عمليات التفتيش أكدت بعدم وجود أدلة واضحة على أنه استخدم أسلحة كيماوية. وفقا لحديثه.
وفيما يخص تعرض ادلب لهجوم جوي مكثف ومختلف عن السابق من قبل القوات الروسية، أجاب سيدروف قائلا: هذه المسألة يسودها غموض تام الا أنه ووفقا لقمة الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، فمستقبل أدلب مرهون الى درجة كبيرة بموقف تركيا، فإذا تمكنت موسكو وانقرة من التوصل الى اتفاق مبدئي بشأن التعامل مع قضية ادلب ومستقبلها، فيمكن ان نتوقع عملية عسكرية محدودة لا تستهدف الا مواقع لـ«جبهة النصرة» وهذه العملية ربما يجب ان تعتمد على مبدأ واضح حيث لا يمكن باي حال من الأحوال تعريض حياة المدنيين في ادلب للخطر، والوقت الان للجهود الدبلوماسية والسياسية لتسوية الأوضاع بدون شن أي عملية عسكرية.
احتمال وارد
من جهته، قال المحلل السياسي الروسي د. ليونيد سوكيانين: احتمال الضربة العسكرية وارد الى جانب التوصل لتسوية، وذلك لان وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت أنها تجري المفاوضات مع بعض الفصائل المسلحة في ادلب بحثا عن الحل السلمي اضافة إلى عقد القمة الثلاثية قريبا.
ويعتقد لينويد أن المناورات تجري من كافة الجوانب، لان الفصائل المسلحة تستعد ايضا للقتال ولكن من الصعب ان نتصور الضربة العسكرية وأتصور أن التوصل الى الحل السلمي سيفرض نفسه في النهاية تجنبا للحل العسكري هناك.
وسئل المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الخمس، عن الصلة بين هذه المناورات والوضع في منطقة إدلب، فاجاب: ان تكثيف اجراءات الوقاية مبرر تماما، واضاف: ان البوارج ستأتي من اساطيل بحر الشمال والبلطيق والبحر الاسود وبحر قزوين، لافتا الى مشاركة قاذفات ومطاردات وطائرات نقل في العمليات.
وتسبق هذه المناورات في البحر المتوسط، اخرى في اقصى الشرق الروسي، اعلنت موسكو انها الاكبر منذ 1981، ويشارك فيها 300 الف جندي و36 الف آلية.
المستقبل الاستراتيجي
في المقابل، تحدث رئيس المجلس الوطني السوري الأسبق، د. عبدالباسط سيدا، قائلا: إن المناورات الروسية الجارية لها علاقة بالمستقبل الاستراتيجي في المنطقة، فبعد الغياب الامريكي في ظل الإدارة الأمريكية السابقة، وانشغال الحالية بالمسائل الداخلية، نلاحظ أن موسكو تستغل هذا الموقف بعد أن اتخذت من الورقة السورية مدخلا للعودة كقوة عظمى في المسرح الدولي، وحاليا من خلال هذه المناورات تؤكد بان هذه المنطقة قد باتت تحت نفوذها الاستراتيجي.
وتابع رئيس المجلس الوطني السوري الأسبق: وبالتالي هي تحاول أن تؤكد على مقدرتها بالرد على كل الاحتمالات التي من الممكن أن تهدد نفوذها، ولم يكن بمقدورها ان ترسل هذه الرسائل لولا تغاضي واشنطن عن الوضع السوري، علاوة على عدم وجود مواقف أوروبية قوية، وشدد على أن هذه المناورات ستؤثر على الوضع في سوريا والمنطقة بلاشك باعتبار «إدلب» هي موضوع الساعة.
ونوه سيدا إلى جدية الولايات المتحدة في محاربة الوجود الايراني وتغلغله الذي يزعزع الامن والاستقرار في سوريا واليمن والعراق وجنوب لبنان، لافتا إلى أن كل هذا يحدث بتدخل النظام الايراني، الذي تعامل معه الأوروبيون وفقا لسياسة «غض النظر» التي ينتهجونها حياله.