ظاهرة الخسوف والكسوف نادرة الحدوث ولكنها ليست حديثة فقد حدثت في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه أبو موسى «خسفت الشمس فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- فزعاً يخشى أن تكون الساعة، فأتى المسجد فصلى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله وقال: هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن يخوف الله بها عباده، فإذا رأيتم شيئاً من ذلك فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره» رواه البخاري ومسلم.
لقد صحَّح النبي -صلى الله عليه وسلم- المعتقدات الخاطئة التي كانت سائدة في عصره عن ظاهرة الكسوف والخسوف عندما قال: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته»، فالشمس والقمر يسيران وفق نظام محكم دقيق، وظاهرة الكسوف ظاهرة طبيعية بما أودع الله لها من أسباب ومسببات، على مقتضى القدرة الإلهية والإرادة الحاكمة، وليس لها أية علاقة بأيٍّ من هذه المعتقدات الفاسدة التي كان يعتقدها الناس، ولم يدرك العلماء هذه الحقائق إلا حديثًا؛ ففي أوروبا حتى عهد قريب كان الناس يعتقدون أن ظاهرة الكسوف مرتبطة بالخرافة ومن ثم؛ فإن هذا الحديث يعتبر الأساس لعلم الفلك الصحيح.
كما أنه ليس لخسوف القمر تأثير واضح حتى الآن صادر من جهة موثوق فيها يؤكد ارتباط خسوف القمر بنفسية الفرد أو السلوك البشري العام، لذا لا مبادئ وأسس علمية يستند عليها، وذلك لأنّ المهتمين بعلم التنجيم مهمتهم الرئيسية التحذير والتخويف المبالغ فيه خاصةً فيما يتعلق بظواهر الخسوف والكسوف كي يؤثروا على نفسية الأشخاص بشكل مضلل.
ليس من شك في أن الكسوف والخسوف أمر طبيعي لا يتقدم ولا يتأخر عن موعده ومكانه، فكل ما في الكون يحدث بمشيئته تعالى وقدرته، ومثل هذا الذي يحدث لهذه الأجرام العظيمة جدير أن ينبَّه القلوب إلى عظمة سلطان الله سبحانه وتعالى وشمول قدرته وبالغ حكمته ووجوب اتجاه القلوب إليه بالتعظيم والدعاء والاستغفار.