هذا الانهيار التاريخي للعملة الإيرانية لم يشهد له مثيل من قبل، فقد فقدت أكثر من نصف قيمتها خلال الأشهر الأربعة المنفرطة ومازال التدهور يلاحق هذه العملة رغم تعمد وكالات الأنباء الإيرانية اخفاء هذه الأزمة والابقاء على تقاريرها السابقة ورغم علمها يقينا أن رائحة التدهور فاحت وأضحت تفاصيلها وجزئياتها في طليعة أخبار المواقع الإيرانية المتداولة، وكأن تلك الوكالات تحاول بهذه التعمية أن تحجب أشعة الشمس من الدخول إلى بيوت المواطنين الإيرانيين وإلى الدخول إلى أذهانهم.
وتحاول الأوساط الاقتصادية الإيرانية التملص من تداعيات الانهيار من خلال ربطه بالتدخلات الأمريكية لمعاقبة النظام على تدخلاته السافرة في شؤون دور الجوار ومضيه في امتلاك أسلحته التدميرية الشاملة ومحاولته تصدير ثورته الدموية الإرهابية إلى كل مكان، وأضحى النظام الراعي الأول للارهاب في العالم كما تؤكد ذلك شواهد ترى بأعين الناس المجردة، ونراها ماثلة للعيان في العراق وسوريا واليمن وفي كل مكان تمور فيه العمليات الإرهابية ليعيث أصحابها فسادًا وتدميرًا وخرابًا في الأرض.
تحاول تلك الأوساط ربط تلك التداعيات بالعقوبات الاقتصادية التي تلوح بها الادارة الأمريكية، وهي محاولة تقترب من الأكذوبة المكشوفة حيث إن تلك العقوبات في واقع أمرها لم تدخل إلى حيز التنفيذ بعد وليست لها علاقة جذرية بانهيار العملة الإيرانية التي وصلت إلى ذروة الانهيار، فالعقوبات سوف تبدأ بعد أيام وتصل إلى أقوى تأثيرها في السادس من نوفمبر المقبل حيث ستمتد المعاقبة إلى كل من يتعامل مع إيران في مجالي النفط والغاز، وتلك عقوبات لا بد من اتخاذها لوضع حد قاطع لغطرسة النظام وضربه عرض الحائط بكل القرارات والمواثيق ذات الصلة بتهوره وظلمه. ولو أن النظام صلبًا وأسس اقتصادًا قويًا لما تأثر بأية عقوبات، أو يكون التأثير طفيفًا، وليس انهيارًا شاملًا.
العملة الإيرانية تحتضر وحكام طهران لا هم لهم إلا تجاهل الأزمات الاقتصادية التي تمر بها إيران ومحاولة القفز عليها بتضييق الخناق على أبناء الشعب الإيراني ومضاعفة معاناته المعيشية المريرة.