لا رقابة ولا سيطرة من الأهالي على ذويهم، ما يشكل تهديدا خطيرا على المجتمع بكامله، خصوصا أن هؤلاء الأطفال هم أعمدة المستقبل ونواته القادمة، إن المبالغة في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يضر أكثر ما ينفع بالنسبة للكبار فما بالنا إذا بالصغار، إنه يؤثر عليهم من جميع جوانبهم البدنية والنفسية والفكرية والاجتماعية.
على المستوى البدني تتوقف وسائل التواصل الاجتماعي بمستخدميها خاصة من الأطفال عن الحركة الكثيرة وبذل الجهد والمشي والركض واللعب، ما يتسبب في إصابتهم بكثير من الأمراض خصوصا السمنة وفرط الوزن، هذا فضلا عن المشكلات النفسية التي تنشأ نتيجة تواجدهم أمام أجهزتهم لفترات طويلة من اليوم، حيث تزداد فرص الاكتئاب في التشكل بالإضافة إلى أمراض نفسية أخرى من قبيل التوحد الذي ينشأ نتيجة للانعزال.
أما على المستوى الفكري والاجتماعي فتتقلص لدى مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي مساحات الإبداع ويصيرون رويدا رويدا مجرد مستقبلين للأحداث ومتلقين للأفكار، الأكليشهات الجاهزة من الحكم والأقوال تكاد تتفشى بين الناس كقواعد صحيحة لا يجب انتقادها أبدا أو التفكير في عدم صحتها، ما يخلق قطاعات من المستخدمين مجرد نسخ من بعضهم البعض لا يفترقون كثيرا في شيء، إنها عولمة اجتماعية تنسخ الفوارق بين المجتمعات وتذيبها مما يؤثر في الأخير على ثقافة المجتمع وخصوصيته، ويجعل هدمه وتفريفه أمرا يسيرا لا يتطلب كثير جهد.
إننا كأولياء أمور وشباب سنتحمل مسؤولية مستقبلية أمام تحد من نوع جديد يتمثل في تنظيم الأمور تربويا بالنسبة لأطفالنا بما يحقق معادلة مهمة تتمثل في عدم حجبهم عن التكنولوجيا وتخلفهم عن روح العصر وأدواته وفي نفس الوقت المحافظة على اتزانهم النفسي والاجتماعي ومساعدتهم في عيش طفولتهم على الوجه الصحي لها.