DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

قمة هلسنكي: مسار جديد للعلاقات بين واشنطن وموسكو

قمة هلسنكي: مسار جديد للعلاقات بين واشنطن وموسكو
عقدت يوم الاثنين الماضي (16 يوليو 2018) القمة التاريخية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي. هي قمة استثنائية كان الجميع ينتظرها وقد تباينت التوقعات والآراء حولها بين متشائم مغرق في التشاؤم ومحلق بالتوقعات. برأيي ان القمة هي بداية جيدة لمسار جديد في العلاقات بين بلدين كبيرين لهم كثير من المصالح المشتركة، لها ان تتطور وتكون اكثر مؤسساتيا وهذا ما لمسته من المؤتمر الصحفي من كلا الطرفين، وفي نفس الوقت التعثر والرجوع الى المربع الاول وارد جدا بسبب تقلب المزاج السياسي العالمي والتغير في التحالفات والمعطيات السياسية. لكن برأيي ما يمكن التقاطه من القمة ثلاثة امور رئيسية:
الامر الاول: الاعتراف بدور روسيا العالمي، فمنذ وصول بوتين الى السلطة وهو لا يخفي عزمه على استعادة قوة وهيبة روسيا بعد سنوات من الإهانة عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، ولو كلف الأمر التصادم مع الولايات المتحدة ورأينا ذلك في كثير من الاماكن في سوريا واوكرانيا. فالتدخل الروسي في سوريا جاء لملء الفراغ الذي تركته امريكا في المنطقة واعادة دورها الاقليمي عبر البوابة السورية. نشرت فورين بوليسي مقالا للكاتبة جوليا إيوفي أشارت فيه الى أن «لعبة روسيا في سوريا بسيطة جدا»، أنها تعتمد على ملء الفراغ الذي تركته أمريكا في المنطقة. وأشارت الكاتبة الى أن «نمو التأثير الروسي في المنطقة يتناسب طرديا بشكل مباشر مع غياب التأثير الأمريكي في المنطقة». فروسيا ما زالت ترى انها قوى عظمى تخوض صراعا لا نهاية له مع قوة عظمى أخرى، وهي الولايات المتحدة.
الامر الثاني اهمية التنسيق مع روسيا في ملفات المنطقة، فواشنطن اقرت اخيرا بفشل عزل روسيا على الساحة الدولية واضطرت للاعتراف بضرورة التنسيق معها في تسوية ملفات المنطقة. فهناك قضايا مفتوحة لسنوات لم تحل بسبب الخلاف الامريكي الروسي كالقضية السورية، التمدد الايراني في المنطقة، قضية القرم، إضافة الى ملفات الطاقة وخفض التسلح، وكل هذه الملفات ملفات معقدة وشائكة ولا يمكن حلها الا عن طريق الجلوس الى طاولة الحوار والتفاوض حولها والمقايضة في كثير منها للوصول الى صيغ توافقية لها أو تقريب وجهات النظر حولها وصولا الى تسوية لها.
الامر الثالث ملف مكافحة الارهاب، وهو ملف مهم لكلا الطرفين ولديهم مصلحة مشتركة للتعاون فيه والتنسيق في مكافحته. فالولايات المتحدة لا تريد تكرار ما جرى في احداث 11 سبتمبر، وبالتالي سارعت لإنشاء تحالف دولي لمكافحة تنظيم داعش بعد تمدده وانتشاره بالمنطقة بل وتجاوز الحدود الاقليمية الى استهداف المصالح الغربية في اوروبا والولايات المتحدة. وروسيا في المقابل لديها نفس المخاوف والتي تتمثل في المجموعات الشيشانية التي ذهبت الى مناطق الصراع، وتخشى بعد عودتها ان تبدأ بعمليات ارهابية داخل الاراضي الروسية ونشرهم الفوضى وتكرار الحالة الافغانية في اوائل التسعينات بعد الانتهاء من الحرب. وبالتالي فالحرب ضد الإرهاب واحدة من أكبر مجالات التعاون بين روسيا والولايات المتحدة.
واخيرا يصعب التنبؤ لمستقبل العلاقة لكن اعتقد كبداية لإعادة الثقة المفقودة وتحسين العلاقات ان تعود العلاقات الدبلوماسية لسابق عهدها بعد عمليات الطرد التي أعقبت حادثة تسميم الجاسوس الروسي في بريطانيا، واعتبار ذلك نقطة تحول ومسارا جديدا للعلاقات بين موسكو وواشنطن. إن تغليب المصالح في العلاقة بين واشنطن وموسكو وتجاوز التعويل على الازمات لاستعراض القوة أمام الطرف الآخر كفيل أن يحل كثيرا من الأزمات العالمية الراهنة.