DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

توترات «العاصوف»

توترات «العاصوف»
أعتقد أن مسلسل «العاصوف» لا يتضمن مشهداً يوفر متعة بصرية كالمشهد الذي يتألف من سلسلة اللقطات الاستهلالية التي تظهر فيها المرأة «أم غزيل» وقت الفجر في طريقها إلى المسجد لتضع «الوليد» أمامه. كانت الكاميرا وكأنها تتحرك بنفسها، حرةً، وبإرادتها، تتحرك خلسة وعينها (عدستها) هي العين الوحيدة التي ترى «أم غزيل» وتلاحقها. تقتنص في البداية قدميها في لقطة قريبة، ثم ترتفع إلى صدرها لتظهر «الوليد» ملفوفاً بالبياض في تناقض تام مع سواد العباءة التي تغطيها. ثم ترصدها ظلا ًيتحرك على الجدار، يتبع ذلك لقطة طويلة تظهر فيها المرأة كاملة يلفها سواد العباءة في الشارع نصف المضاء. وتعود الكاميرا في لقطة قريبة إلى القدمين، ثم تُظْهِرُ المرأةَ وهي تضع الطفل أمام المسجد. لكن التوقع باستمرار هذه المتعة البصرية خلال المسلسل لم يدم طويلاً، فسرعان ما يتبدد ليفسح المجال للشعور بالخيبة، فالكاميرا في المشاهد التالية لم تعد كما كانت في البداية، فكأن العين التي كانت تنظر عبر عدستها في اللقطات الافتتاحية لم تعد العين نفسها.
لكن ما يميز المشهد الأول إلى جانب المتعة البصرية هو حزمة التوترات التي يثيرها ما يحدث خلاله، وهي تنقسم الى قسمين: توترات في داخل العالم المتخيل في المسلسل «intradiegetic tensions» وتوترات في خارجه «extradiegetic tensions». سأبدأ بالأخيرة والتي تنقسم بدورها إلى نوعين. النوع الأول: التوتر الناشئ عن الرغبة في المعرفة، وهو التوتر الذي يدفع أي مشاهد الى الاستمرار في متابعة المرأة لمعرفة من هي، وسبب خروجها في ذلك الوقت، ولأية غاية. ويستمر هذا التوتر في التحفيز على المشاهدة حتى بعد انجلاء الغموض عن سبب خروج المرأة لأنها لم تزل مجهولة الهوية، وكذلك الرضيع ومصيره.
النوع الثاني من التوترات خارج العالم المتخيل «diegesis»، هو التوتر الذي يشوب موقف بعض المشاهدين من «العاصوف»، أولئك الذين رأوا في المشهد، والمسلسل كله، إساءة وتشويها للمجتمع، ما أدى إلى انبجاس توتر آخر، بين المنتقدين الغاضبين على «العاصوف» وبين من هبّوا للدفاع عنه عبر الوسائط ذاتها.
أما توترات الداخل، فنظراً لضيق المساحة، سأركز على دورها في كشف جوانب من الشخصيات. لقد أجاد المخرج توظيف التوتر الذي عصف بهدوء أسرة «الطيان» بعد دخول الرضيع في حياتها واكتشاف الحقيقة في إظهار قوة شخصية الأم هيلة ومركزيتها اللتين يعبر عنهما توسطها مجلس الأسرة، أنانية محسن وامتلاء قلبه بالضغينة، وهدوء خالد والجانب العملي من شخصيته، والتمييز المجتمعي.