والواقع إن إصلاح الأسرة يبدأ من الأسرة نفسها، ومشكلاتها تبدأ بفقد القدوة، مرورًا بالأهمال وعدم الحرص على التربية المستقيمة، ووصولًا إلى ترك الحبل على الغارب للأطفال في تعاملهم مع تقنيات العصر ومبتكراته، وعدم الرقابة من الأسرة بالشكل التربوي السليم.
كان العرب في ماضيهم يتبنون قاعدة ذهبية في التربية، تقول: لاعب ولدك سبعا، وعلمه سبعا وصاحبه سبعا، ولا تهمله في بقية حياته، فالأولاد -بنين وبنات- في سنواتهم الأولى بحاجة إلى الرقة والعطف والحنان، والتوجيه غير المباشر، البعيد عن العنف والصخب والتوتر، فما يرسخ في نفوسهم في هذه الفترة من قيم، سيصحبهم طوال حياتهم، بعد ذلك تأتي فترة التوجيه المباشر باللين والحكمة والموعظة الحسنة، والأسلوب الذي لا يدفع الأولاد إلى التحدي والعناد والإصرار على الخطأ، وخير معلم للأولاد هو القدوة الحسنة، والتوجيه إذا لم يقترن بالتطبيق من صاحبه يصبح غير ذي جدوى. بعد هذه الفترة ينطبق على الأولاد المثل القائل: إذا كبر ولدك خاوِهِ، أي أصبح أخا له، بالصراحة والمشاركة في الرأي، والمشورة المتسمة بلين الجانب، وطيب المعشر، والعطف الأبوي المطلوب، وما أجمل أن يكون الأب صديق ابنه، والأم صديقة ابنتها، لاستثمار تلك القيم النبيلة والمثل السامية التي تم زرعها في نفوس الأولاد في سنواتهم الأولى، قال المعري: (وينشأ ناشئ الفتيان منا/ على ما كان عوّده أبوه.وما دان الفتى بِحِجا ولكن/ يعلمه التديّن أقربوه).
دون أن ننسى دور المدرسة والمسجد والمجتمع، وكل هذه المؤسسات لا تلغي دور الأسرة الأساس، بل تزيد من مسئولياتها في المراقبة والمتابعة، والتأكد من سير الأولاد في الاتجاه الصحيح والطريق المستقيم، وبمثل هذه المراقبة والمتابعة والحرص، يمكن الوصول إلى حياة إيجابية مثمرة، وحينها، يمكن أن تحقق تلك الأيام العالمية.. ما يرجى منها من أهداف.