السياسة وأخبارها تطاردنا وتنافس الصوم، ولا تترك وقتا للانصراف للطاعة، أخبار الصوم أولها جاء من الشقيقة تونس، حيث تظاهرت قِلة من الناس من ذوي الميول والتوجهات الخاصة مطالبين بأن يكون الإفطار في شهر رمضان حقا مدنيا لا يترتب عليه أي عقاب، تفصيل الخبر، محاولة من البعض إشعال فتنة بين المجتمع التونسي العام الذي حتى وإن كان هناك دستور ينص على مساحات واسعة من الحريات للناس في الأمور العبادية يبقى أن هذا شعب مسلم، وله ذائقة ثقافية لا تقبل نفسيا، ولا روحيا، ولا حتى أخلاقيا القفز إلى هذه المنطقة غير المقبولة بين عموم التونسيين، الذي جعلني أتوقف عند هذا الخبر أن رسائل في وسائل التواصل الاجتماعية نقلت بعض العبارات التي رددها الآحاد الذين تظاهروا في وسط العاصمة تونس قبل أيام ورُبط فيها اسم المملكة بأمور لا علاقة للمملكة بها كما يعرف الجميع، وأكرر أن هذه الإثارة بيننا كأشقاء عرب تُحدث لغطا يعكر صفو النفوس والأمر في حقيقته لا يستدعي شيئا من ذلك، وأزعم أن السبب وتناقل هذه الرسائل واستمرار النظر إليها على أنها تمثل رأيا غالبا تونسيا عن المملكة وشعبها مغالطة كبيرة، وأزعم أن هذه الخاصية موجودة لدينا نحن العرب، وربما بدرجة أقل بين المسلمين وأعزوها كما أظن وكما رصدتها في أكثر من مناسبة إلى أمور منها أننا لا نفرق بين موقف شعب تجاه شعب آخر، ولا نميز بين موقف حكومة من حكومة مقابلة لها، ولا بين دولة ودولة شقيقة أو صديقة لها. بعبارة أخرى أننا لا نزال ما قبل السنة الأولى في عالمنا العربي في التمييز بين الإستراتيجي في مواقفنا تجاه بعضنا، وبين التكتيكي الظرفي، والهامشي الذي لا يحسب له حساب. فالأشقاء في تونس لديهم دستورهم الذي يهتمون بالعمل عليه وتطويره، ويقرون أو نسبة كبيرة منهم بأنه يحوي بعض الأمور التي لا تعجبهم تماما، ولكن لديهم عقيدتهم التي لا يسامون عليها، وأهم من ذلك يحافظون عليها حتى وان ظهر بينهم من ينادي بنقيضها، الجميل أنهم يقرون بان الآخرين منهم ويأملون في صلاحهم وإن انتقدوهم بشدة ومرارة كما تابع الناس عبر وسائل التواصل.
في سياق مشابه رصدت خبرا طار به الناس هذا الأسبوع حول خلاف بين مسؤول تنفيذي قيل إنه صرح بما أزعج وزيرا في بلد شقيق خليجي، وكثر اللغط المزعج والمشبوه أحيانا بين رواد وسائل التواصل، وبدأ الحديث عن تطاول، وسلوك غير مقبول، وحُرمة وزير..إلخ،، وأسعدني تعليق حمله مقطع مرئي لأخي سعادة الدكتور فهد الشليمي الذي فصل لنا في الخليج أن هناك الثابت والاستراتيجي الذي لا يمكن القفز عليه فالأخطاء بين الأشخاص لا يسمح بان ترقى إلى اعتبارها بين حكومات، والاهم ان الاعتبارات القرابية والتلاحمية والاستراتيجية بين دول المنظومة لا تقبل ان تستخدم في خلافات وجهات نظر، إذا كان هناك خطأ بين الرجال فهم أبناء منظومة قيمية واجتماعية واحدة ويستطيع كل ذي حق الحصول على حقه بالتفاهم مع من يعتقد انه تعدى عليه، اما الإستراتيجي والثابت فلا قبول بالمساس به.
الخبر الثالث هو الآخر أخرجنا من أجواء رمضان وعاد بنا إلى السياسة وموضوعاتها الصغيرة، والكبيرة. وأدهشني إلى درجة أنني لم أتخيل أن يقوم مسئولون في قُطرٍ خليجي بالتعميم على المحلات التجارية بعدم بيع منتج يُقبل على شربه أهل الخليج في شهر رمضان المبارك، لا لشيء أكثر من أن ذلك المنتج البريطاني الأصل أصبح ومنذ عقود ينتج في السعودية، لا أعرف ماذا أقول إذا كانت هذه تصرفات الدول فما عسانا نقول عن تصرفاتنا المرتبطة بالأمور السياسية كأفراد.
رصدت خبرا طار به الناس هذا الأسبوع حول خلاف بين مسؤول تنفيذي سعودي قيل إنه صرح بما أزعج وزيرا في بلد شقيق خليجي، وكثر اللغط المزعج والمشبوه أحيانا بين رواد وسائل التواصل.