لقي تصريح وزير التعليم حول طول إجازة المعلمين وضرورة الاستفادة منها في إلحاقهم ببرامج تدريبية لتطوير كفاءاتهم وإمدادهم بالخبرات اللازمة لتحسين أدائهم معارضة شديدة نقلتها صفحات الصحف وتداولتها المجالس ووسائل الاتصال.. بل إن بعض ردات الفعل كانت حادة إلى درجة الغضب.. وقد يكون الوقت الآن مناسبًا للتعامل مع هذا الأمر في هدوء وبعيداً عن صدمة المفاجأة وعن سوء الفهم الذي رافق التصريح وما تبعه خاصةً ونحن على أبواب الإجازة؛ فالحديث عن طول إجازة المعلمين لا يفهم منه بالضرورة أن من أطلقه لا يعي المهام والمسؤوليات التي يواجهها المعلم ولا استكثار هذه الإجازة على المعلمين، ولكن هي الرغبة في الاستفادة من جزء من الإجازة في تدريب المعلمين وهو موضوع طالما تحدث عنه الغيورون على المهنة وأصحابها، بل إن كثيراً من المعلمين طالما عبروا عن طلبهم توفير الفرص التدريبية التي تلبي احتياجاتهم المهنية، وتحسن قدراتهم وتزيد من خبراتهم، كما أن الوزارة طالما اجتهدت أن توفر هذه الفرص لهم، وأحدثها ولا أقول آخرها إيفاد آلاف المعلمين إلى الخارج للاطلاع عن كثب على التجارب المتقدمة في مجال التعليم ونقلها إلى مدارسنا، مما يؤكد أن القضية هي ليست حسداً للمعلمين على طول إجازتهم ولا إنكاراً لمسؤوليات المهنة ومصاعبها، بل هي في الحقيقة حب الخير للمعلمين وسعي لإمدادهم بما يحتاجونه من الخبرات والكفايات.
وقد جاءت التصريحات التالية لتؤكد أن الالتحاق بالبرامج التدريبية سيكون اختياريًا ويسمح للمعلمين باختيار الأوقات التي تناسب التزاماتهم العائلية والاجتماعية، بل والبرامج الخاصة للاستمتاع بالإجازة مع أهاليهم وأبنائهم.. خاصةً أن وقت الإجازة في الحقيقة يتيح أن تلبي هذه الاحتياجات وفي نفس الوقت الالتحاق بالتدريب.. وليسمح لي الزملاء المعلمون بالقول إنه لا يمكننا أن نجمع بين الرغبة بالحصول على الفرص التدريبية التي تحسن الأداء وعدم الاستعداد للتضحية ببعض وقت الإجازة لتوفير هذه الفرص..
ولعله من المناسب هنا العودة إلى التأكيد أنه ينبغي للوزارة أن توجد الحوافز التي تجعل المعلم حريصًا على الالتحاق بهذه البرامج، فلا بد من التعزيز الإيجابي للمعلم الحريص على تنمية ذاته مهنيًا والمستعد للتضحية ببعض وقته من أجل ذلك سواء بالعلاوة الإضافية أو بالترشيح للوظائف القيادية أو الابتعاث أو غير ذلك من الفرص إن أردنا زيادة الإقبال على التدريب.. وإلا فسوف يظل الإقبال أقل مما ينبغي حتى وإن كان المعلمون بحاجة فعلية لتحسين أدائهم الذي تظهر آثاره واضحة في مخرجات التعلم ومستويات تلاميذهم.. لا أقول ذلك دفاعًا عن تصريح معالي الوزير ولا نقداً لردات الفعل، بل من واقع الإحساس بالمسؤولية والصدق مع الذات -إن شاء الله-.
ينبغي للوزارة أن توجد الحوافز التي تجعل المعلم حريصًا على الالتحاق بهذه البرامج، فلا بد من التعزيز الإيجابي للمعلم الحريص على تنمية ذاته مهنيًا والمستعد للتضحية ببعض وقته.
[email protected]