DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

دوائر افتراضية

دوائر افتراضية
قبل سنوات ليست ببعيدة وقبل أن تهيمن وسائل التواصل الاجتماعي كانت هناك حدود واضحة أو أكثر وضوحا من الآن للمجموعات التي ننتمي لها. فصديقات المدرسة لا يختلطون بالأقارب مثلا. كذلك زملاء العمل والأصدقاء يصنفون في دوائر مختلفة وإن كان هناك بعض التداخل أحيانا.
نادرا ما نجمع الكل إلا في المناسبات الكبيرة التي يضيع بها الناس أصلا. ولعل أحد أهم أسباب عدم الخلط بالمجموعات هو أننا نظهر لكل من هؤلاء المجموعات جانبا معينا من شخصيتنا. فعند الأهل سوف تكون طفلا مهما كبرت، وفي العمل سوف تتسم بالرسمية والاحترافية بالغالب. أما أصدقاء المدرسة الذين عاشوا مع بعض سنوات طويلة بنجاحاتها وتهزيئاتها فهم يعرفونك مثل الأخوة وترتبط معهم بتاريخ طويل.
مع كثرة تطبيقات التواصل الاجتماعي تلاشت هذه الحدود المعروفة في الحياة الواقعية، واختلطت الدوائر الاجتماعية دون تمييز، وظهرت مجموعات من الماضي والغالبية يودون التواصل.
وإن كان لنا الاختيار في استخدامها والرد على من نرغب إلا أن هذه التطبيقات أصبحت تتولد لها أعراف سلوكية، تختلف من تطبيق إلى آخر، لدرجة أن نفس الشخصين قد يتواصلون مع بعض بطريقة مختلفة حسب التطبيق الذي يستخدمونه.
لكل نوع من هذه التطبيقات «شخصية» وكل منا يراها بطريقته الخاصة. اسمحوا لي أن أوضح أكثر، فبالرغم من عدم اختلافي كشخص أَجِد أن كل نوع من التطبيقات يخدمني بطريقة خاصة وأخصص له «محتوى» محددا وأظهر فيه جانبا من شخصيتي.
تطبيق الانستجرام بالنسبة لي هو المفضل والأقرب، وإن كان الحساب عاما، ويتابعني من لا أعرفهم شخصيا. فهو بالنسبة لي مساحة للتعبير والمشاركة للتجارب التي أعيشها والأمور التي تعجبني. إن أردت التشبيه أكثر فإنه مثل معرض مفتوح للعامة. أما استخدام «تويتر» فهو كالمشي بالشارع. أَجِد فيه الممتع والمفيد جنبا إلى جنب مع المزعج. قد ترى هناك أناسا لا تخالطهم في حياتك اليومية، ولذلك عليك اختيار مدى التفاعل. أما تفعيل «الخاص» فهو كالمشي في الشوارع الخلفية والأزقة المظلمة بدلا من الشوارع الرئيسيّة؛ كونه محفوفا بالمخاطر. أما «الواتساب» فتربطني فيه علاقة معقدة من الحب والكراهية. فهو مفيد جدا للعمل كمجموعة في المشاريع المستعجلة والتي تستدعي التواصل، ولكنه أيضا يعرضك «للصيد» من قبل عشرات الناس الذين لم ترد عليهم ورأوْا أنك «متصل». مشكلته أيضا سهولة الإرسال والتي تعرضك لسيل من المعلومات التي لم تطلبها. هناك آليات وبرامج تسمح لك «بالاختفاء» ولكن إلى أي مدى من التخفي يجب أن نصل لئلا نجرح مشاعر الناس؟
أصبح من لا يجد ردا منك في أحد التطبيقات يجدك في التطبيق الآخر. وإن كنت تعتبر أحدهم للعمل والآخر شخصيا وللاستمتاع فإن الملاحقة بين التطبيقات تصبح مزعجة جدا.
كوننا «متصلين» بطريقة أو بأخرى على مدى ساعات في عدد من التطبيقات ومع غياب إتيكيت وحدود للتواصل عبرها فإن التداخل سوف يستمر. فحدود التواصل إن كانت غير معرفة، تستحق النقاش. ويبقى السؤال الأخير في أي مساحة افتراضية سوف يدور هذا النقاش؟
أصبح من لا يجد ردا منك في أحد التطبيقات يجدك في التطبيق الآخر. وإن كنت تعتبر أحدهم للعمل والآخر شخصيا وللاستمتاع فإن الملاحقة بين التطبيقات تصبح مزعجة جدا
[email protected]