لسنا هنا ـ في المملكة ـ بحاجة لاستعراض مسلسل المساعدات السعودية عامة، وللشعب اليمني الشقيق بشكل خاص، ولكننا أمام حقائق تاريخية تكفي وحدها للرد على القرصنة الحوثية المستمرة، سواء قرصنة سياسية للاستيلاء على إرادة ومقدرات الشعب اليمني أو قرصنة غير أخلاقية تستبيح سلب المساعدات الإنسانية واحتكارها على الأهل والعشيرة، إضافة إلى قرصنة أخرى أكثر خطورة، وتتمثل في محاولة نقل الصراع خارج الحدود، والاعتداء على السفن والناقلات أو استهدافها واحتجازها وعرقلة الملاحة الإقليمية والدولية.
نماذج التخريب الداخلي، والتهديد الإقليمي الذي تمثله العصابات الحوثية، جديرة بالردع الدولي، وإذا كانت المملكة تقود التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن، فإنها أيضا تخوض حربًا نيابة عن دول العالم الشريف بمواجهة فكر العصابات وأجندة التوسع المرهونة بأوهام عمائم طهران وكل ذيولها وخدمها في المنطقة، وهو النموذج الجلي لفكر ميليشيات وجماعات التأسلم السياسي التي انتشرت كثيرًا في أكثر من عاصمة عربية، دفعها مشروع «تصدير الثورة» الإيراني قبل أربعة عقود، لأن تستولى على السلطة بالقوة وتأخذ الشعوب رهينة لأيديولوجياتها المتطرفة والتكفيرية باسم «الربيع العربي» الفاشل والمأساوي.
نحن إذا أمام مشروعين، أحدهما طائفي تخريبي يقوم على قرصنة «الجماعة» أو المذهب يستبيح بالقوة الدول الوطنية شعوبًا وحدودًا وسيادة ويورطها في صراعات كارثية، والآخر يتمسك بوحدة الأوطان وعدم تقسيم شعوبها أو تصنيفهم وتقسيمهم ليكونوا مواطنين متساوين جميعا بالحقوق والواجبات.. ونحن في المملكة مع المشروع الثاني وضد أي مشاريع تآمرية أخرى، وفي نفس الوقت نتحمل مسؤوليتنا الأخلاقية والإنسانية انطلاقًا من قيم الإسلام العظيم.