ومن جانب آخر، فإن رؤية الطفل للمربي بأنه متعاون وليس أنانيا أثره يكون أقوى من مائة تدريب وتمرين لغرس التعاون، فالتأثير بالمشاهدة والقدوة أثرها كبير، بالإضافة إلى تجنب التدليل الزائد أو الإهمال الزائد، فكلاهما يعزز قيمة الأنانية عند الأطفال، ولدينا في خدمة معين التربوية الإلكترونية مجموعة من القصص تساعد الأمهات والآباء على غرس قيمة التعاون وعدم الأنانية مثل قصة (ذي القرنين)، ففي هذه القصة تتجلى قيمة التعاون بوضوح، فقد أعطى الله - سبحانه - ذا القرنين مُلكا عظيما، فكان يطوف الأرض كلها من مشرقها إلى مغربها، وقد مكن الله له في الأرض، وأعطاه القوة والسلطان، فكان يحكم بالعدل، ويطبق أوامر الله، وذو القرنين الذي قال الله عنه {إِنا مكنا لهُ فِي الأرضِ وآتيناهُ مِن كُلِ شيءٍ سببا} فوجد هنالك قوما متخلفين {قوما لا يكادُون يفقهُون قولا} وعندما وجدوا فاتحا قويا، وتوسموا فيه القدرة والصلاح عرضوا عليه أن يقيم لهم سدا في وجه (يأجوج ومأجوج) الذين يهاجمونهم، ويعيثون في أرضهم فسادا، ولا يقدرون هم على دفعهم وصدهم وذلك في مقابل مبلغ من المال يجمعونه له من بينهم، وتبعا للمنهج الصالح الذي أعلنه ذلك الحاكم الصالح من مقاومة الفساد في الأرض فقد رد عليهم عرضهم الذي عرضوه من المال، وتطوع بإقامة السد، ورأى أن أيسر طريقة لإقامته هي ردم الممر بين الحاجزين الطبيعيين، فطلب إلى أولئك القوم الذين لا يفهمون أن يعينوه بقوتهم المادية والعضلية {قال ما مكنِي فِيهِ ربِي خير فأعِينُونِي بِقُوةٍ أجعل بينكُم وبينهُم ردما}.
فالأطفال في العادة يحبون القصص ويعيشون أحداثها ويتخيلون أنهم بداخل القصة، فتوظيف مثل قصة (ذي القرنين) وغيرها من القصص التي تزرع قيمة التعاون وعدم التفرد والأنانية حتى مع الأشخاص الذين لا يفهمون، تربي الطفل على التعاون ونبذ الأنانية، فاستغلال وقت الطعام أو الذهاب بالسيارة أو أثناء المشي مع الأبناء بذكر مثل هذه القصص تساهم في تربيتهم، ولكن أحيانا بعض الأطفال يكونون مبالغين في قيمة التعاون، لدرجة أنه لا يبقي لنفسه شيئا وكل شيء يوزعه ويقدمه للآخرين وفي هذه الحالة لا بد أن نعلم الطفل التوازن أثناء التعاون ونضرب له الأمثال والقصص ليتعلم، ومن الأفكار العملية مشاركة الطفل في الأعمال الخيرية والتطوعية والإغاثية فإن مثل هذه المشاركة تربي عنده حب العطاء والتعاون وتعالج سلوك الأنانية.
drjasem@