وبعيدًا عن تفاصيل البيان البحريني، والأدلة الدامغة للتورط الإيراني، إلا أن مجمله يكشف أننا أمام سلوك متجذر في عقلية «عمائم» طهران الحاكمة، لا يعترف بعرف دبلوماسي، ولا بحقوق جيرة تاريخية، ولا بقيم دين مشترك يتشدقون دومًا بالانتماء له، ولا بأبسط أبجديات التعامل الإخلاقي والإنساني على الأقل، والأخطر أن هذه العقلية لا تزال مغيبة في سرداب الامبراطورية الفارسية بكل مواريثها الفوقية والمتعالية في عالم ينحو نحو الإخاء والمساواة بين بني البشر.
والمخجل أن نموذج العقلية الفارسية هذا، لا يمكن أن يتوازى أبدا مع قيم وتعاليم ديننا الإسلامي ورسالته السمحة والمتسامحة، ومحاولة تلبيسه بـ«الدين» فاشلة لا محالة، فما بالنا بمحاولة تأصيله طائفيًا وعقائديًا.؟!
إن مراجعة موضوعية لسلوكيات نظام «العمائم» في إيران خليجيًا وعربيًا، تكشف لنا كمَّ الحقد التاريخي الذي يعشش في عقول هذه الفئة، ويضعنا أمام سجل مُخزٍ لا يستوعب حقائق العصر، وينصّب من نفسه «وليّا» على أمور شعوب ودول تملك من الحرية والإرادة ما يجعلها تقف أمام هذا المشروع التوسعي الذي ربما يفوق في خطورته المشروع الصهيوني في الشرق الأوسط، ومشاريع أخرى إرهابية تارة باسم الدين.. «الخلافة» أو بحجة دغدغة عواطف تاريخية عبر استنساخ امبراطوريات بادت وبالتأكيد لن تعود مرة أخرى، مهما حاول منظروها التجارة و«السمسرة» بها.
كل هذه المشاريع فاشلة بامتياز، ورهاننا على وعي شعوبنا التي لن تنساق أبدا وراء هذه الأفكار التي بدت عورتها فاضحة لأصحابها أولًا قبل أن تكون للآخرين.