إلا أن البعض لا تستهويه تصرفات بعض الشباب في فئات عمرية معينة فيما يخص طريقة اللباس وقصات الشعر ويدعو الى التضييق على هؤلاء (المخالفين للعادات والتقاليد) من خلال إدراج تصرفاتهم ضمن قانونٍ خاص بمخالفة الذوق العام.
ولكن في رأيي أن هذه المسارعة الى سن القوانين لمنع كل ما لا يعجبنا من تصرفات الناس ستنشئ فئة من الناس تفعل ما تشاء وكيفما تشاء بحجة عدم مخالفتها أي (قانون) غير آبهة بأعراف ولا تقاليد. وكما هو معلوم أن العادات والتقاليد في المجتمع في تطور وتغير مستمر، فما هو منبوذ قد يصبح مقبولا في يوم من الايام، فما نفعل بالقانون الذي وضع على أساس مخالفة هذه التقاليد.
وانظر في المقابل الى قوانين المرور التي أساسها تنظيم حركة المرور مع المحافظة على أرواح الناس، ولاحظ التباطؤ في الحزم في تنفيذ قوانين مخالفة السرعة ووضع حزام الامان رغم الخسائر الجسيمة في الأرواح كل يوم أو بعض يوم. وحتى بعد التشديد قليلا على تطبيق بعض القوانين المرورية تجد المخالفات اليومية كثيرة جدا. ولكن ليس لدي احصائية رسمية بهذا الخصوص. وتعتبر هذه المخالفات من البعض مقياسا لمدى التزامنا ووعينا كمجتمع بأنظمة المرور. تماما مثلما أن تصرفات شبابنا مقياس لما عليه مجتمعنا.
فهل يعقل أن نجعل لكل شيء لا يروق لنا قانونا يجرمه. وكأننا نستخدم هذه القوانين وبخاصة التي (تحافظ على العادات والتقاليد) كقناع لإخفاء او تزييف ما عليه المجتمع بالفعل وواقع الحال. فالأولى الاستماع لهذه الفئة من الشباب، وغيرهم، والتعرف على أحوالهم ودراسة دوافع تصرفاتهم ومن ثم احتواؤهم عن طريق التنبيه او التوجيه وتعريفهم على آفاق مختلفة من غير وصاية ولا إكراه. وما اتوقع حدوثه هو تماما كما يحدث من قبل المشتركين في الصالة الرياضية، ستبقى فئة قليلة لن تتجاوب إيجابيا مع الطلب، أما الأغلبية فستلتزم.
مهمة نشر الوعي والتثقيف ليست سهلة. كما أنها لا تحصل هكذا بدون حركة للتوعية والتثقيف، والتي منصاتها في هذه الأيام تعددت وتنوعت. ولكنها تحتاج الى اناس ذوي همم عالية واخلاص يساهمون في هذا الحراك التثقيفي. إن وجد هؤلاء في مجتمع ما فحتما سيتحقق المراد وسينتشر الوعي. سواء كان وعيا صحيا أم بيئيا أم تعليميا أم غيره من الامور التي تحتاج وبشكل ملح للتوعية بشأنها حسب سلم الأولويات. وربما طريقة لباس بعض الشباب وقصات شعرهم تأتي في آخر قائمة هذه الأولويات. فالأولى عدم التكاسل عن مهمة التوعية والتثقيف عن طريق سن القوانين من اجل اخفاء شكلنا الحقيقي، تماما كمن يرتدي قناعا أو برقعا.