DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C
eid moubarak
eid moubarak
eid moubarak

جماعية العمل ووحدة المصير

جماعية العمل ووحدة المصير

جماعية العمل ووحدة المصير
هناك من الناس من يزعم أن الجسد له اهتماماته وحاجاته، وأن الدماغ ومنتجاته الفكرية له عالمه الخاص المنفصل عن العالم الجسدي في كل من الرغبات والآليات والخصائص الفسيولوجية ودرجات الحاجة إلى كل منها. كما تنتشر مثل هذه الأفكار لدى بعض المجتمعات، لتصبح ثقافة عامة ينطلق فيها الناس من تفضيل أحد العالمين على الآخر، ويظنون أن بإمكانهم الحصول على متع الجسد – على سبيل المثال – أو صحته، دون اشتراك الجزء الآخر (الدماغ)، الذي يسيّر كثيرا من مجريات الأمور في عالم الجسد. وقد توصل كثير من الدراسات المعمقة إلى أن «الإجراءات الفسيولوجية»، وكذلك «الإجراءات الذهنية» ليستا شيئين منفصلين؛ بل هما جزآن متقابلان يكمّل كل منهما الآخر. ويمكن وصف النظريات المتعلقة بتلك العلاقة بين هذين الجزءين، أن الأول يندرج ضمن ما يمكن وصفه بصورة عامة على أنه الحالة الصلبة لآليات استقبال التغيرات البيولوجية والتعامل معها. أما الآخر، فهو الحالة السائلة (أو الناعمة) المكونة للطاقة والمحركة لكل ما يحتاجه الجسم من مستلزمات أو من تهيئة الأجواء. ولنأخذ على سبيل المثال حالة عرضية تعتري الإنسان في بعض تعاملاته مع الآخرين أو الظروف المحيطة به، وهي «الغضب». حيث نشأت نظرية في تحليل تلك الحالة الفسيولوجية – النفسية – الذهنية، هي نظرية جيمس - لانج، حيث تؤكد على أن المرء تعتريه حالة الغضب، لأن عينيه قد أصبحتا حمراوين؛ فعندما لا يسمح الإنسان بتأثر بدنه من خلال التغيرات الفسيولوجية، فإنه لن يصل إلى مرحلة الغضب. وهذا ما يقوم به اليابانيون، بأن يعلّموا أطفالهم طريقة بسيطة جداً من أجل التحكم بالغضب؛ فهم يقولون: عندما تشعر بالغضب، فلا تفعل شيئا يتعلق بالفكرة التي أوصلتك إليه. فقط ابدأ بالتنفّس العميق، وحاول تكرار العملية، ولن تكون قادرا على أن تصاب بنوبة الغضب. فلماذا يكون اليابانيون مصيبين في هذه الإجراءات التي تحمي أولادهم من الميكانزمات السلبية المتصلة بدورة الغضب في الجسم؟ إنه يصبح مستحيلا، أن يكتمل نقل الموصلات، التي تقوم بدفع هرمونات التوتر إلى الجسد. وهناك سببان رئيسان في إعاقة دورة الغضب من خلال هذا الإجراء البسيط؛ أولاً: أخذ النَفَس العميق لا يسمح باستمرار فورة الغضب، التي تتطلب إيقاعا خاصا في عملية التنفس، مما يجعل تواصل نقل الهرمونات غير ممكن؛ فذلك الإيقاع الخاص أو التنفس الفوضوي يكون ضروريا لاستمرار تلك العملية، وبالتالي وجود المحصلة النهائية، وهي «الغضب». وثانيا: عندما يركز الذهن على عملية التنفس العميق، فإنه ينصرف عن الاهتمام بمشاعر الغضب؛ وبالطبع عندما لا يتواءم الهاردوير والسوفت وير في صنع المنتج الذي كانا في طور إنتاجه، فإنه لا يخرج إلى النور. وهذا هو ما يجعل الشعب الياباني أكثر شعوب الأرض تحكما في مشاعره السلبية، لأنهم يتعلمون ضبط هذه المشاعر منذ الصغر، ويتدربون عليها في صفوف الدراسة، وفي معسكرات الرياضة، وكذلك في بيئاتهم الاجتماعية المختلفة، من المنزل إلى أماكن الانتظار أو الركوب في وسائل المواصلات، أو الفضاءات المختلفة في الأماكن العامة، وفي المناسبات الاجتماعية، التي تتطلب ضبطا شديدا للنفس. ويقال الآن: إن هذا الشعب أصبح أقل تمسكا بهذه الثقافة اليابانية المتميزة، لكنهم يبقون رغم ذلك في أعلى قائمة أكثر الشعوب ضبطا لردود أفعالهم السلبية في مختلف الفئات الاجتماعية.