DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

زعيم الثقة ومعطيات المبادرة

زعيم الثقة ومعطيات المبادرة

زعيم الثقة ومعطيات المبادرة
وحدة الصف العربي، هي أول وأمكن خطوط الدفاع عن سيادته، وسيادة قراره، والمآل الذي بلغه الوطن العربي، وحالة التمزق التي تشهدها بعض كياناته هي المدخل المتاح لكل أعداء الأمة للنيل منه، ونهب خيراته، وتحويله إلى أرض معارك خاسرة كل همها تسويق ما تنتجه مصانع السلاح، وملء خزائنها بتلك الثروات التي كان ينبغي أن تنفق على تنمية الإنسان، وتطوير حياته إلى الأفضل. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أيده الله والذي كان يؤمن بهذه الحقيقة التي أصبحت غائبة للأسف بفعل انجراف جزء كبير من مكونات الوطن العربي خلف تلك النزاعات الدامية التي نالت منه، لم يكتف بتوحيد القرار الخليجي، وتوحيد الصف الخليجي، وإنما استأنف نشاطه فور اكتمال هذه المهمة النبيلة وتتويجها بالصلح بين الأشقاء في جمهورية مصر العربية، ودولة قطر، وقطع الطريق على كل المراهنين من خارج المنظومة العربية على المضي قدما في تمويه الحالة العربية، وتعويمها في بحر من الخلافات التي لا تنتهي، حيث تلقف الأشقاء في الدولتين معا مبادرته الكريمة، باتجاه فتح صفحة جديدة من العلاقات الأخوية، تتوحد فيها الغايات والأهداف، وتنسجم فيها الرؤى والتطلعات من أجل إعادة صياغة لحمة الأمة، وتعزيز قدراتها في مواجهة حالة التشرذم والاختلاف الذي لا يقود إلا إلى الهاوية لا سمح الله. ولأنه- يحفظه الله- يحظى بكل أدوات ومعطيات المصداقية، فقد جاءت ردود الفعل الأولية على تلك المبادرة بحجم الطموح، وبحجم تلك الثقة التي يستحقها قائد عرفه الجميع رجلا مخلصا لدينه وأمانته، مؤمنا بعروبته، معتزا بوحدة هذه الأمة وبكل ما أنجزته تلك الوحدة من الأمجاد، ولعل الأجمل في نتائج هذه المبادرة أنها لم تتوقف على الأطراف السياسية، وإنما تفاعل معها الإعلام في البلدين، وهو ما يعكس مكانة عبدالله بن عبدالعزيز في صفوف شعوب أمته من المحيط إلى الخليج، وهي التي ما عرفته إلا حاملا لمشعل الخير، وداعيا إلى نبذ الفرقة، وإلى الاجتماع والالتقاء على كلمة سواء، وأمينا على مقدرات هذه الأمة التي لا يمكن أن تستمد قوتها ومنعتها إلا من الاعتصام بحبل الله، لذلك امتدت آثار هذه المبادرة الى كافة المستويات ليس فقط في مصر وقطر، وإنما على امتداد الوطن العربي بكامله لتحرك ذلك الوجدان العربي الذي ظل يألم لتلك الوقائع البغيضة التي عصفت بالوطن، وحولت أرضه في بعض المواضع إلى برك لدماء الأبرياء، وهواءه إلى مزيج من رائحة الدم والبارود، لتأتي يد الزعيم العروبي فتأسو الجرح النازف، وتعيد تعطير الجو العربي بكالونيا الكرامة، والوفاق، ووحدة الرؤية، وتقطع دابر الملاسنات التي ربما وجد فيها بعض المأفونين ما يرضي نفوسهم المريضة فأصبحوا ينفخون في رمادها على أمل أن تأتي على الأخضر واليابس، ليحققوا مآربهم، ومآرب من يقف خلفهم. لم يكن عبدالله بن عبدالعزيز يوما ما رجلا لوطنه، وحسب، وإنما هو بالقول وبالفعل رجل الأمة وحكيمها الذي تلتفت إليه كل الأعناق كلما حلّ بها عارض، أو أصابها جرح، تنتظر الخلاص على يديه، وفي مبادراته، ليعيد صف قاطرات المسار العربي على قضبانها الطبيعية بما يحفظ لكل بلد عزته وكرامته، واستقلال قراره، دون أن ينال ذلك من وحدة الأمة، ووحدة مصيرها المشترك، بل سر وجودها وقدرتها على مواجهة الأعداء، والطامعين في ضرب عمودها الفقري، وهي مهمة الزعماء التاريخيين الذين لا تنحصر زعاماتهم في الحدود الضيقة، أو الأزمنة اللحظية، وإنما تتعداها إلى كيان الأمة من الماء إلى الماء، وإلى مستقبلها ومستقبل وجودها إلى الآماد البعيدة.