تجتمع لجنة التراث العالمي لجنة تابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، سنويًا وتتألف من ممثلي 21 دولة معينين من قبل الجمعية العمومية، وتخول لهم صلاحيات لمدة 4 سنوات على الأكثر، بحيث يدرس ممثلو اللجنة اقتراحات الدول الراغبة في إدراج مواقعها في قائمة التراث العالمي.
إضافة إلى مساعدة الخبراء لرفع التقارير عن شرعية المواقع، وتقديم التقييم النهائي للحسم في قرار إدراج المواقع المقترحة ضمن قائمة التراث العالمي، الذي تنفرد اللجنة باتخاذه.
وفي هذا العام تستضيف المملكة العربية السعودية الدورة الموسعة 45 للجنة التراث العالمي، وتقام في الرياض خلال الفترة 10 - 25سبتمبر الحاليّ، وتستضيف نحو 3000 عضو في اللجنة من الدول الأعضاء.
وتأتي استضافة المملكة كونها نائبًا للرئيس عن المجموعة العربية في لجنة التراث العالمي للفترة ما بين 2021 - 2023.
"اليوم" خلال جولتها في الدورة المقامة بالرياض، التقت مجموعة من الخبراء ومندوبي الدول لدى اليونسكو، للحديث عن هذه الاستضافة وأهميتها، ومناقشة أبرز الملفات المطروحة من قبل دول الوطن العربي على طاولة لجنة التراث العالمي.
جهود الخدمات والمتوطوعين
قال السفير الدائم لسلطنة عمان لدى اليونسكو د. حمد بن سيف الهمامي، إن استضافة المملكة هذه الدورة تدعو للفخر والسرور، وأضاف: استطاعت المملكة إدارة حشد كبير من الأعضاء بتنظيم رائع واستقبال وحفاوة، وتسخير جهود كبيرة من خدمات ومتطوعين قدموا مساعدة كبيرة، فهذه التجربة يجب أن تُقيم ويُبنى عليها، وخصوصًا الاستعانة بالمتطوعين للمساعدة في مثل هذه المحافل الدولية.
وتابع: في هذه الدورة لم تقدم السلطنة أي ملفات ونتطلع لتقديمها في الدورات المقبلة، ولكن نحن كعضو في اللجنة نساند جهود الدول الأخرى، وطلبت منا 5 دول تقديم ملفاتها للنقاش، منها بنجلادش وتركيا وليتوانيا والهند.
وأوضح أن السلطنة سياستها واضحة وغالب الدول العربية الـ4 الأعضاء، "فحينما يقدم ملف سياسي نلتزم الحياد، وغير ذلك فنحن نساند أي ملف فني أو تراثي ما لم يحتوي على انتهاكات".
تعزيز التراث الثقافي العربي
أوضحت الخبير الوطني لدولة قطر لدى اليونسكو ومدير إدارة التعاون الدولي والشؤون الحكومية في متاحف قطر د. فاطمة السليطي، أن حفاوة الاستقبال والتنظيم والخدمات جرى تقديمها على أكمل وجه من قبل المملكة.
وعن أهمية الاستضافة، أوضحت أن قطر والبحرين استضافتا اجتماع اللجنة سابقًا، والآن الاستضافة في المملكة، وأكدت أن ذلك من شأنه أن يعزز التراث الثقافي في الدول العربية، والتوعية بهذا الجانب وبأهمية التراث، وبتاريخ الدول العربية خصوصًا، لأن الدول العربية لم تأخذ حقها ونصيبها سابقًا في التمثيل بالتراث الثقافي وتسجيل المواقع.
وأشارت إلى أن دولة قطر قدمت ملفًا في اللائحة التمهيدية، وهو إدراج خور العديد وهو موقع تراث طبيعي، وإلى الآن يجري العمل عليه، وهذا من شأنه أن يعزز من حماية مواقع التراث الطبيعي في الوطن العربي.
ملف سعودي عراقي مشترك
أشاد رئيس الهيئة العامة للآثار والتراث في العراق ووكيل وزير الثقافة لشؤون الآثار د. ليث مجيد حسين، باستضافة المملكة للحدث، وقال: الاستضافة رائعة وذات تحضير عالي المستوى، وذلك يدل على اهتمام المملكة بالجانب الآثاري.
وأضاف: كما أن المملكة تملك كمًا رائعًا وكبيرًا من المواقع الأثرية المهمة في مختلف الفترات الزمنية، فهناك اكتشافات أثرية وعناية فائقة، وجاءت هذه الدورة تجسيدًا كبيرًا لهذا الاهتمام الكبير بعالم صون التراث الحضاري للدول.
وأشار إلى أن المملكة والعراق لديهما ترابط تاريخي وحضاري كبير، وأكبر دليل على هذا هو أن هناك ملف مشترك، وهو إدراج "درب زبيدة" أو ما يُطلق عليه ملف "الدرب القديم" أو "طريق الحج"، الذي ينطلق من مدينة الكوفة ويصل إلى مكة المكرمة.
وتابع: هذا الملف أُقر على اللائحة التمهيدية، ويجري العمل حاليًا مع وزارة الثقافة السعودية وهيئة التراث لإنجاحه، وقريبًا سنشهد إدراجه على لائحة التراث العالمي.
أما عن الملفات الخاصة بالعراق التي جرى تقديمها خلال هذه الدورة، فقال ووكيل وزير الثقافة العراقية لشؤون الآثار: العراق لديه 3 مواقع مهمة مدرجة على لائحة التراث العالمي، ولكن دخلت على لائحة الخطر بسبب الحروب والإرهاب وما إلى ذلك، ونحن نعمل بشكل جدي على رفع هذه المواقع من لائحة الخطر وعودتها إلى اللائحة الطبيعية.
وأردف: كما جرى إدراج الملف المختلط وهو "ملف الأهوار"، الذي يحتوي على 3 مواقع مدرجة أيضًا على لائحة التراث العالمي، ويجري العمل على معالجة المشكلات المناخية وجفاف المياه التي تعانيها هذه المواقع.
العناية بالتراث الكوني والعالمي
أشار ممثل الوفد التونسي ناصر بوعبيد، إلى أن تونس تشارك في هذه الدورة لتقديم ملف إدراج جزيرة جربة على قائمة التراث العالمي، وأضاف: "نحن سعداء بإدراج الملف وتقديمه في الدورة المنعقدة في دولة عربية وتحديدًا المملكة العربية السعودية".
وتابع: نحن محظوظون بحضور مؤتمر يحمل هذه القيمة، فلجنة التراث العالمي تقع في أعلى الهرم فيما يخص العناية بالتراث الكوني والعالمي، وسعيد بوجودي بين كل دول العالم لتمثيل بلدي تونس، ووجودنا جميعًا هنا يجعلنا جنودًا لحماية التراث الإنساني، والسعي لتثمين ما قدمه وفعله وأنجزه أجدادنا أينما كانوا.
واستطرد: الإضافة الكبرى أن أكون بين مجموعة بشرية تحمل الرسالة نفسها، وهي المحافظة على التراث العالمي مهما كانت هويته وجنسيته، وحماية هذا التراث من الكوارث الطبيعية.
وذكر أن تسجيل المواقع في لائحة التراث العالمي يأتي سعيًا إلى المحافظة عليها، وصونها من كل التهديدات، سواء من العوامل البشرية أو الطبيعية والمناخية، ولتقليص مدى تأثير الانسان على المساس بتلك المكونات التراثية.
السعودية على لائحة التراث العالمي
أدرجت المملكة العربية السعودية أدرجت 6 مواقع ضمن قائمة مواقع التراث العالمي بعد أن أقرتها اليونسكو، وكانت البداية مع موقع مدائن صالح الذي جرى إدراجه عام 2008، ثم أُضيف حي الطريف في منطقة الدرعية القديمة في 2010.
كما سُجلت منطقة جدة التاريخية في 2014، وفي عام 2015 سُجلت الفنون الصخرية في منطقة حائل، ثم أُدرجت واحة الأحساء في عام 2018، وكان آخر موقع يُدرج على القائمة في عام 2021 وهو منطقة حمى الثقافية في نجران.
كما أن هناك 10 مواقع مدرجة على القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي، وهي: درب زبيدة، خط حديد الحجاز، طريق الحج الشامي، طريق الحج المصري، قرية الفاو الأثرية، قرية رجال ألمع، قرية ذي عين التراثية، واحة دومة الجندل التاريخية، محمية عروض بني معارض، محمية جزر فرسان.
