- لا يختلف اثنان على أن الانتظام في الدراسة هو من أسباب النجاح، وأن الغياب هو سبب مباشر للفشل بما ينتج عنه من فوات فرصة تعلّم أجزاء من المادة على الطالب، حتى وإن كان البعض يرى أنه يمكن تعويض ذلك، غير أن الانتظام في الدراسة ليس سببًا للنجاح فحسب، بل هو أسلوب لتربية الآباء على الالتزام بالعمل واحترام أوقاته وعدم التفريط فيه تحت أي سبب من الأسباب، أي أنه ضرورة تربوية سلوكية، إضافة إلى ضرورته العلمية، ومع أن الغياب لم يصل إلى درجة أن يكون ظاهرة، لكنه لابد من الاعتراف بأننا نواجه مشكلة الغياب، خاصة في بعض المواسم والمناسبات؛ حيث يكثر في الأيام التي تسبق العطلات الرسمية كما يحصل في نهاية كل فصل دراسي على الأغلب.
- ومع أن المدارس وبتوجيهات من الوزارة تبذل جهودًا ملحوظة للحد من ذلك إلا أن المشكلة قائمة، وتحتاج إلى مزيدٍ من الحلول، ومن ذلك عقد الامتحانات العملية في المواسم التي تكثر فيها معدلات الغياب، والتأكيد على متابعة الغياب والخصم من درجات السلوك والمواظبة، وإبلاغ ولي أمر بتغيب ابنه، إضافة إلى البرامج التوعوية بأضرار الغياب وما ينجم عنه من أضرار علمية وسلوكية، وما يسببه من مشاكل تنتج عن وجود الطلبة المتغيبين في الأماكن العامة والشوارع، والتعرف على أشخاص غير أسوياء قد يغرونهم بمسايرتهم في دروب الضياع والتشرد.
- وقد تناولت وسائل الإعلام القرارات التي اتخذت مؤخرًا وهي ملاحقة آباء الطلاب الذين يبلغ غيابهم عشرين يومًا قضائيًّا ومساءلتهم عن تقصيرهم الذي هو سبب لذلك، ونقل متكرري الغياب إلى مدارس أخرى، وفي الوقت الذي تبدو فيه هذه العقوبات أمرًا غير مألوف إلا أن كثيرًا من الدول المتقدمة تطبّق عقوبات على الآباء الذين يتخلف أولادهم عن الالتحاق بالمدارس في السن المقررة وعلى الذين يتسرب أبناؤهم من الدراسة بسبب انشغالهم عنهم وانصرافهم إلى أمورهم الشخصية بعيدًا عن تربية أبنائهم ليكونوا مواطنين صالحين.
والمملكة العربية السعودية التي تَعتبر الإنسان أغلى ثرواتها، وتحرص على تهيئة كل الظروف التي تتيح لأبنائها من الشباب واليافعين أن يكونوا ناجحين في حياتهم ويساهموا في بناء مستقبلهم وخدمة وطنهم وتقديم النفع لأسرهم، وتتخذ القرارات التي تهيئ لهم النجاح، وتدرك أن غالبية سكانها من الشباب لا تقتصر جهودها على الذكور من أبنائها، بل إن الفرص المتاحة للفتيات هي نفس الفرص المتاحة للشباب إن لم تكن أكثر.
- وما يجب قوله في هذا الشأن هو أن مسؤولية المواطن والمؤسسات الأهلية والإعلامية في هذا المجال لا تقل أهمية عن جهود الدولة إن أردنا لهذه الجهود النجاح.. ونحن نريد حقًّا –بإذن الله-.