في أمسية تلتقط "الشعرية" في كل شيء، استضاف معهد مسك للفنون ضمن حوارات "صيف الأسئلة"، الشاعر ومدير مهرجان أفلام السعودية أحمد الملا، في حديثٍ حول "السينما الشعرية".
وتحدث خلاله الملا حول مصطلح "السينما الشعرية" وتعريفه، وحول أبرز اللقطات الشعرية في السينما، إضافة للنقاش حول مواضيع مختلفة في السينما السعودية وصناعتها وتقدمها.
السينما الشعرية
وأكد الملا أن السينما الشعرية هي بالأصل سينما وليس لها أي علاقة بالأدب والشعر، كما أنها تختلف عن "سينما الشعر" وهو موضوع آخر يهتم بمواضيع الشعر تحديداً، "السينما الشعرية" أولا هي تأتي من منطقة السينما، ثم أن "الشعرية" ليست بشعر، ولكن تأتي في مسألة الذهاب إلى منطقة أبعد من التساؤل المنطقي والواقعي والتقليدي الموجود مسبقا، ولذلك هي حالة شعرية، وهذه الحالة موجودة في كل شيء في الحياة، وهناك شعرية تكمن خلف الأشياء كلها، ومن لا يرى الشعرية في الحياة مع الوقت يتحول إلى جماد، لذلك "السينما الشعرية"
ومنذ ظهورها في الخمسينات في أوروبا هي المقصود بها "الأسلوب" والمغاير لما هو متوقع ومنطقي في شيء ما، والاتيان بشيء جديد يدهش المتلقي، ويسلط الضوء على منطقة مظلمة لم ينتبه لها أحد من قبل. وهذه هي المسألة الشعرية التي تكمن ليس فقط في السينما وإنما في كل الفنون والمجالات الإبداعية وإلى أبعد من ذلك.
الحالة الشعرية في التصنيفات السينمائية
وأبان الملا أن المصطلح ينطبق على السينما بشكلها الكلي، فالحالات الشعرية موجودة في الكثير من الأعمال بمختلف أنواعها سواء كانت تراجيديا أو كوميديا أو حتى وثائقية، ولكن هل تصنف هذه الأعمال كسينما شعرية هذا موضوع آخر، لأنه حتى يصنف العمل تحت مسمى "السينما الشعرية" يجب أن يكون مبني على الرؤية الشعرية من أوله حتى آخره.
واستشهد بالسينمائي الياباني مايازاكي الذي تتواجد الشعرية في جميع أعماله التي تغلب عليها الرسوم المتحركة، مؤكدا أن "الأنيميشن" يستهلك من "الشعرية" الكثير وذلك لأنها تملك حرية الخيال الذي ينسف منطق الواقع، أما في أفلام "الحياة" هناك جهد عالي لدى صناع العمل في إضافة الحالة الشعرية وذلك لأن المتلقي غير مستعد للحظات المدهشة بقدر جاهزيته لدى دخوله فيلم أنيميشن.
وأكد على من يقدم العمل الإبداعي أن يقدمه بأسلوبه وطريقته الخاصة ولا ينسخ أو يقلد، أما الملتقي يجب عليه أن يرى العمل بنظرته الخاصة وأن لا ينجرف مع رأي الأغلبية في العمل، والأهم أن يربي في داخله إعادة الانتباه الذاتي الخاص فيه لإيجاد المعنى الذي يخصه وليس المعنى المتفق عليه.
السينما الشعرية في المنتج السعودي
أما عن السينما الشعرية في الإنتاجات السعودية، ذكر الملا أن هناك ذائقة متنوعة، فالسينما الشعرية في المنتج السعودي موجودة في عدد من الأفلام وفي الكثير من الأفلام القصيرة، وذلك لأن الفيلم القصير يعطي فرصة المغامرة والتجربة.
واستشهد الملا بفيلم "أغنية الغراب" للمخرج محمد السلمان وأنه فيلم روائي طويل ويصنف ضمن السينما الشعرية كاملاً، حيث أن الفيلم يمتلك "الأسلوب" والرؤية الخاصة بالمخرج، كما أن السلمان من تجاربه القصيرة السابقة وأعماله من بداياته وحتى فيلمه الطويل الأخير كلها تحمل "شعرية" عالية.
تطور مستوى الإنتاج السعودي
وأشار الملا أن تطور الإنتاج السينمائي السعودي كان ملحوظ ما بين الدورة الأولى لمهرجان أفلام السعودية في ٢٠٠٨ والدورة الثانية في ٢٠١٥، ومنذ ذلك الوقت والإنتاج يشهد قفزات كبيرة، وهذه حالة خاصة لدرجة أن إدارة المهرجان أصبحت تعي ضرورة مواكبة وصعود التنظيم مع صعود مستوى الأفلام.
ويرى أن سبب صمود السينمائيين وتوهجهم مقارنة ببقية المجالات الثقافية أو الفنية أو الإبداعية، هو أن الساحة السينمائية كفن هو لم يقع في المظلومية بعد ولم يصلوا لسن اليأس قبل "الرؤية"، فصناع الأفلام السعوديين هم من جيل مر ببداية الصعوبات تعلموا دروس من تلك الفترة، ولكن الانفتاح جاء قبل أن يتعمقوا في اليأس وفقدان الأمل، لذلك نرى أن قطاع السينما في السعودية هو قطاع جدا حيوي ويحمل طاقة إيجابية عظيمة.
