السابع عشر من يونيو هو اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف، ويُعد الجفاف من أكبر التهديدات للتنمية المستدامة في جميع دول العالم، حيث تشير التوقعات إلى احتمال تأثير الجفاف في أكثر من ثلاثة أرباع سكان العالم مع حلول 2050م، كما أن هناك زيادة في عدد حالات الجفاف ومدتها بنسبة 29% منذ عام 2000، مقارنة بالعقدين السابقين بحسب المنظمة العالمية للأرصاد الجوية 2021م.
المملكة العربية السعودية من ضمن دول العالم التي تواجه تحديات التصحر والجفاف، فمعظم مساحاتها صحاري باستثناء المدن الواقعة في جنوب البلاد لوجود الأمطار، وبسبب ارتفاع درجة الحرارة وقلة الأمطار، والتوسع في النمو العمراني، وزيادة الثروة الحيوانية، الذي ينعكس من تضخم عملية الرعي الجائر، وزيادة الطلب على الحطب والاحتطاب، والزيادة السكانية، وارتفاع نسب امتلاك السيارات وتعرض المجتمعات النباتية لدهسها، إضافة إلى عدم الوعي البيئي لدى شرائح المجتمع، وضعف تكامل عمليات حماية البيئة، التي تسببت في التلوث وزراعة المحصولات التي تستهلك الكثير من المياه، كالقمح، أو تربية أبقار الحليب باحتياجاتها الهائلة من المياه والاستمرار في عمليات التنقيب عن البترول، الذي يعتبر مصدر الثروة الأساسي الاقتصادي، وجميع ذلك يتسبب في زيادة استهلاك المخزون الطبيعي من المياه الجوفية.
فالتصحر والجفاف يتسببان في تداعيات بيئية تتمثل في تدهور الأراضي الزراعية وتناقص قدرة الإنتاج البيولوجي للأرض، بما يؤثر على خصوبة الأرض والقدرة على الإنتاج النباتي، وبالإضافة إلى العواصف الترابية وزحف الرمال، سيتدنى معدل الإنتاجية، ويصعب على المرء التكيف مع تغير المناخ، وسينعكس ذلك على الثروة الحيوانية والبيئة والصحة والمجتمع والاقتصاد، من حيث قلة فرص العمل لانعدام فرص التطور الصناعي المرتبط بالمنتجات الزراعية، إضافة إلى ضعف الإنتاج، ما يؤدي إلى تدني مستوى الدخل للفرد والدولة.
كما أن التصحر والجفاف هو من مسببات الهجرة من القرى إلى المدن بسبب فقر الإنتاجات الزراعية، ويسبب ذلك مشاكل حضرية ناجمة عن زيادة في عدد السكان.
في هذا العام 2023 ركزت الأمم المتحدة في احتفالها باليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف على المرأة في الأرض بشعار «المرأة أرضها حقوقها» فالمرأة معنية بصحة الأرض مع أنها ليس لها قرار في إدارتها، فغالبًا وفي جميع أنحاء العالم تواجه المرأة عوائق في تأمين حقوقهن في تملك الأراضي الزراعية، وهذا يحد من قدرتها على المشاركة في القرار الذي يرتبط بالازدهار الاقتصادي ومكافحة ظاهرة التصحر.
وبحسب تقرير الأمم المتحدة فإن النساء هن الأشد تضررًا عندما تتدهور الأراضي الزراعية وشح المياه، لذا شدد موضوع اليوم الدولي لمكافحة التصحر والجفاف على الاستثمار في مساواة المرأة في الحق في تملك الأراضي والأصول المرتبطة بها، وهو استثمار مباشر في مستقبلهن ومستقبل الإنسانية. لتساهم بدورها كامرأة ريفية في تحقيق الأمن الغذائي وحماية البيئة لمواجهة الجفاف.
الرؤية الوطنية 2030م تداركت ذلك وبتدخل من الإرادة السياسة لحفظ الأرض والبيئة، تم فيها تأمين المحميات الحيوانية، وتشجيع التشجير لتكون السعودية خضراء، والاستمطار الصناعي، وتوجيه الثروة التي تُصرف على زراعة بعض المحصولات أو تربية المواشي نحو شراء الأراضي وزراعة المحاصيل في دول أخرى، والعمل مع مؤسسات المجتمع المدني في توعية المجتمع وتثقيفه، وإشراك المرأة كمتطلبات هذه المرحلة للحد من التصحر والجفاف.