بالرغم من الخسائر المليارية التي منيت بها البنوك الأمريكية، نظرًا لسحب المودعين صغارهم وكبارهم لأموالهم منها، إلا أن ذلك صب في مصلحة قطاع التكنولوجيا، الذي انتعشت أسهمه مجدداً بعد إقبال المستثمرين عليه، رغم أنه لايزال يعاني من نقصٍ تمويلي واضح، وفق ما ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
مكاسب شركات التكنولوجيا العملاقة
ذكرت الصحيفة البريطانية، في الموضوع الذي ترجمت "اليوم" أبرز ما جاء فيه، إنه برغم حالة البؤس التي تنتاب البنوك الأمريكية، فقد كان الأمر في أحد جوانبه بمثابة نعمة لأسهم أكبر شركات التكنولوجيا في أمريكا، حيث تدفق عليها المستثمرون وراغبي الاستثمار من الأفراد، بشراء حصص من أسهم الشركات العملاقة، ليتأكدوا من أنهم وضعوا أموالهم، أو بالأحرى جزء منها، في كيان مضمون، وذلك خوفًا من مخاطر السيولة التي تعاني منها المصارف بشكل واضح، لايخفى على العين، وذلك كله وسط مخاوف بشأن انتقال عدوى الانهيارات البنكية لتتوسع أكبر في القطاع المالي الأمريكي.
خسائر الكيانات الأصغر
ويعد خروج المليارات من الكيانات البنكية المنهارة أو التي تمر بأزمة، جانب سلبي آخر، أدى معه بالكثير من الراغبين في الاستثمار إلى أن يضعوا أموالهم في كيانات تكنولوجية كبيرة، ليبتعدوا عن المجازفة بالخسارة هذه الأيام، وهو ما يمثل جانبًا آخر سيئ للأزمة المصرفية.
وتمت إضافة أكثر من 560 مليار دولار من القيمة السوقية إلى أكبر أربع شركات أمريكية للتكنولوجيا مؤخرًا.
وتقدمت القائمة في الشركات الرابحة، شركة "مايكروسوف" بأكثر من 12٪، وهي أكبر قفزة لها منذ أبريل 2015، وأغلقت عند أعلى مستوياتها منذ أغسطس 2022.
كما أدى التقدم إلى إعادة القيمة السوقية لسهم مايكروسوفت إلى ما يزيد عن تريليوني دولار.
كما ارتفع سهم شركة "ألفا بيت" بنسبة 12٪، في أقوى مكسب لها منذ 2021. وفي الوقت نفسه، قفز سهم "أمازون" بنسبة 9.1٪، وارتفع كذلك سهم شركة "آبل". بنسبة 4.4٪.
مؤشر ناسداك
وخلال هذه التحركات السوقية، ارتفع مؤشر ناسداك 100 التقني بنسبة 5.8٪، وهو أفضل أداء للمؤشر منذ نوفمبر 2022، وأقوى بكثير من تقدم مؤشر "ستاندردآند بورز 500" بنسبة 1.4٪.
يمثل هذا الاختلاف أكبر أداء في أسبوع واحد لمؤشر ناسداك 100 منذ الأزمة المالية في أكتوبر 2008.
حول ذلك، قال سام ستوفال، كبير محللي الاستثمار في شركة الاستشارات المالية "سي إف آر إيه" :"تعد التكنولوجيا ملاذًا آمنًا أكثر من القطاعات الدورية التقليدية، وقد مرت بالفعل بإعادة تسعير، مما يعني أنها تبدو جذابة بالنسبة لبقية السوق".
أمان للمستثمرين
غذت فكرة، أن شركات التكنولوجيا الكبيرة أصبحت أكثر أمانًا لأصحاب الأموال، خاصة وأن الاضطرابات في القطاع المالي - التي أثارها انهيار مصرفا "سيليكون فالي بنك" و"سيجنتشر" تؤكد تصور المخاطرة في أماكن أخرى من الاقتصاد.
وانخفض مؤشر"كيه بي دبليو بنك" KBW Bank))، الذي يقيس أداء 22 من أكبر البنوك في الولايات المتحدة بنسبة 15٪ تقريبًا هذا الأسبوع ، مما أضاف إلى انخفاض الأسبوع الماضي بنسبة 16٪ ، والذي كان الأسوأ منذ مارس 2020.
على النقيض من حالة عدم اليقين هذه ، تقدم أسهم التكنولوجيا والإنترنت الرئيسية للمستثمرين شيئًا قريبًا من الاستقرار في السوق الحالية، حيث تشير تدفقات إيراداتهم الدائمة وهيمنتها على السوق إلى إمكانية عزلهم نسبيًا عن أي انكماش اقتصادي. في الوقت نفسه ، تشير ميزانيات شركات التكنولوجيا القوية - جنبًا إلى جنب مع التقييمات التي تم ضغطها بشدة في عمليات البيع في العام الماضي - إلى احتمالية انخفاض أقل من مجالات أخرى في السوق.
قال ستوفال: "بالإضافة إلى عوائد سندات الخزانة المنخفضة، التي حسنت التقييم الجوهري للتكنولوجيا، يتطلع المستثمرون بالفعل إلى عام 2024، حيث يعد بآفاق نمو لأرباح شركات التكنولوجيا بشكل إيجابي".
