نحو ثلاثة قرون مرَّت على تأسيس الدولة السعودية الأولى، على يد الإمام محمد بن سعود «يرحمه الله»، بعد نجاحه في توحيد شعوبها وقبائلها تحت راية واحدة، ونقلها من الشتات والصراعات إلى الأمن والاستقرار؛ لتبدأ بعدها فصول قصة كفاح وتضحيات لبناء وطن شامخ على أساسٍ راسخٍ ومتين، في الدولتَين السعوديتَين الثانية والثالثة.
والمتأمل في تسلسل الدولة السعودية خلال مراحلها الثلاث، يلاحظ بوضوح أن التخطيط السليم، والمُضي قُدُمًا نحو تحقيق الهدف «وإن صادف سقوطًا أو تعثرًا»، يعقبه نهوض لدرء فصول قصة صمود وكفاح جديدة حتى وصلنا للدولة السعودية الثالثة التي نعيش في كنفها حاليًّا في ظل قيادة رشيدة، مَنَّ الله علينا بها، ونجحت بحِكمتها ونظرتها الثاقبة في بسط الأمن والأمان، ونشر الخير والرفاهية لمواطنيها في ربوع المملكة على مر السنين.
لم تنتهِ الدروس أو تتوقف عند الدولة السعودية الثالثة، وإنما استمرت في تذليل العقبات، بدايةً من مراحل التوحيد عبر البحث عن إدارة اقتصاد وأمن الدولة، وبدء عمليات النهوض بالتعليم والعلاج في المستشفيات الحديثة، وتحسين جودة حياة الناس، وظلت الدولة الفتية «بفضل من الله عز وجل» صامدة تتخذ القرارات الحكيمة، وتعزز مسيرتها، وتُحدِث النقلة تلو الأخرى، رغم الحروب والصراعات التي تشهدها عدة بقاع في المنطقة، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالعالم.
تمثِّل ذكرى «يوم التأسيس» مصدر فخر وعزة وكبرياء لكل السعوديين، وفرصة أمام الأجيال الجديدة؛ للتعرف على تاريخهم واستلهام تجارب آبائهم وأجدادهم الذين كافحوا من أجل ترسيخ أركان المملكة، حتى تحوَّلت إلى قلب العالمَين الإسلامي والعربي، ومنصة للتميُّز والابتكار والريادة.
القصص والعِبَر التي نستخلصها من ملحمة التأسيس وصولًا إلى رؤية المملكة 2030، تمنح دروسًا مجانية في فنون السياسة والاقتصاد والإدارة، لكل مَن اطلع على تلك السيرة العطرة، والمجد الكبير الممتد بحِكمَةٍ ومثابرةٍ وإصرارٍ على تجاوز الأزمة، ومواصلة البناء من جديد حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن.
ويحق للسعوديين أن يفخروا بدولةٍ قامت ونهضت بقوة وعزيمة وطموح الرجال، ووضعت الإنسان نُصب عينيها، وجعلته أساس بنائها، والتخطيط لمستقبلها المشرق.
اللهم احفظ بلادنا وقيادتنا وشعبنا.
• رئيس التحرير
@alsheddi