ما بين أفلام التشويق والمغامرة والرومانسية والكوميديا، انطلق اليوم الجمعة أول عروض أفلام مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في دورته الثانية بجدة من خلال الفيلم الروائي الطويل "أغنية الغراب" للمخرج السعودي محمد السلمان، والذي سيمثل المملكة رسميا في حفل جوائز الأوسكار بنسخته القادمة.
"اليوم" التقت المخرج محمد السلمان للتعرف أكثر عن تفاصيل الفيلم.
بداية وصف السلمان المشاركة بأنه "متحمس جدًا لهذه المشاركة"، خصوصًا أن المهرجان سيتضمن انطلاق العرض الأول لفيلم أغنية الغراب.
وقال: "شخصيًا يعنيني الجمهور السعودي بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى أن مهرجان البحر الأحمر يتميّز بكونه دوليًا مما سيربطنا بالعالم كذلك، وأتمنى أن يحظى الفيلم بالقبول والإعجاب".
مناقشة المشهد الثقافي في الرياض
أشار محمد السلمان إلى أنه عمل مع الفريق على الفيلم لمدة عامين "حاولنا فيهما إتقان الأدوات السينمائية والعناية بالتفاصيل التي يتضح فيها الصدق الفني عبر السرد، وآمل أن نكون وفقنا في ذلك".
وذكر أن الفيلم يناقش المشهد الثقافي عام ٢٠٠٢ وسط مدينة الرياض، لافتا إلى أن المشاهد سيلحظ تنوعًا في الشخصيات؛ فالشخصية الأدبية حاضرة وكذلك طبيعة القصة تستوجب وجود شخصيات كمثل الشخصية المسرحية أو الشاعرة والروائية.
وتابع: "نحن كصنّاع أفلام لدينا حلقة وصل تربطنا بالفنانين والمثقفين، ولذا نحن على دراية بالبيئة المحيطة بهم، والفيلم يأتي بنبرة ساخرة تحكي عن هذا العالم، لذا أتمنى أن تكون مشاهدة ممتعة تلامس الجميع خصوصًا لمن لهم علاقة بالمجالات المطروحة".
الاستحواذ على المشاهد
وحول العناصر الأساسية التي جعلت الفيلم مختلف عن غيره، أوضح السلمان أن "أهم أدوار المخرج هو أن يستحوذ على انتباه المشاهد، وذلك يتمثل في عدّة أشكال وصور، وقد أبقيت هذا العنصر في ذهني طوال مسيرة صنع الفيلم فكان الهدف ألا أخسر انتباه المشاهد".
ولفت السلمان إلى مواجهتهم تحديات إنتاجية متعددة بداية من تعدد مواقع للتصوير والتأثيرات البصرية، والأزياء والديكور، مبينا أن "كون الفيلم كان مدعومًا من صندوق وزارة الثقافة ساعد بشكل كبير".
وأضاف: "بالرغم من ذلك اضطررنا إلى أن نستثمر من أموالنا الخاصة لكي يخرج الفيلم بالشكل المطلوب، وأعتز بفريقي الذي ساندني وسط كل تلك التحديات".
وأكد أن "المصداقية في طرح الفيلم عامل مهم، ومن الضروري أن يصدّق المشاهد الشخصيات وعوالمها لكي تنجح بأن تلامسه، ووجود الصدق قائم على إحساس المخرج بعمل مزيج متجانس من الحياة الواقعية وخيالاته الفردية."
أسئلة ساخرة بأسلوب محايد
لأفلام السلمان توليفة خاصة تعتمد على الحبكة المترابطة والمنسابة بإيحاء مكثَّف لتوليد الأسئلة الحائرة لدى المشاهد بهدف إثارة حب الاستطلاع والتنبؤ بما سيجري من أحداث لتبديد الغموض، حول أهمية ذلك كصانع أفلام، قال السلمان: "حقيقةً أحب أن أصنع أفلامًا تطرح أسئلة بأسلوب حيادي، ولذلك أعدُّ السخرية أداة جميلة لطرح هذه الأسئلة بدلًا من فرض رأي وإجابات معينة".
وأضاف: "الفيلم لا يحمل رسالة واضحة فأنا أفضل عمل توليفة تعتمد على منظور الشخصيات الرئيسية، والتي تكون في العادة حيادية وتنظر للأشياء كما تبدو، وفيما يتعلق بالحبكة فهي ناتجة عن فهم الشخصيات وبتعدد المنعطفات التي تسلكها."
وعن السمات الجوهرية التي ارتكز عليها الفيلم ومنحه قاعدة جذابة للتأملات الفلسفية، فذكر المخرج أن "هذا ملعب ومجال الناقد فيما يتعلّق بوجود سمات جوهرية في الفيلم، لكن نحن في عملية صناعة الفيلم نركز على وجود ثيمة يتميّز بها العمل وهذا ما أبذل جهدًا لصنعه كما هو الحال في أفلامي السابقة".
الغراب والحمامة رمزان أساسيان
أما حول الملصق الدعائي للفيلم وكونه يحمل صورة حمامة بيضاء وليس غرابا حسب عنوان الفيلم، قال السلمان: "أعمل على أن يظهر البوستر أو الإعلان الترويجي بشكل لافت مما يولّد تساؤلات لدى المشاهد".
وأضاف "أعتقد بأن الإعلان الترويجي أجاب عن هذا السؤال وبيّن أن الشخصية الرئيسية تلقّب بالغراب، وعمومًا الغراب والحمامة رمزان أساسيّان في الفيلم، وستتضح التقاطعات بينهما عند مشاهدة الفيلم."
الشخصية الرئيسية في الفيلم
ذكر السلمان أن الشخصية الرئيسية لا تشبه النمط الذي تتسم به الشخصيات الرئيسية عادة من بطولة وقوة تواجه بها التحديات الصعبة.
وتابع أن "في حالة هذا الفيلم فقد عملت على خلق شخصية بوسع الجميع أن يرتبط بها ويفهمها، فهي الشخصية الوحيدة التي ليس لها أجندة في عالم ثقافي. وبساطتها مكّنتها من رؤية الأمور بشكل حيادي ومجرّد من اي انتماء".
وأضاف "أعتقد أن رمي شخصية بسذاجة "ناصر" في عوالم ومواضيع شائكة آنذاك، كوّنت حالة ساخرة تصل للجميع، كما أن افتتاحية الفيلم جسّدت حلم حلمته شخصيًا، وأترك عناصر جاذبية الفلم لحكم المشاهد".
الفيلم لمن يتفرجه
وإجابة عن سؤال "أغنية الغراب" فيلم مهرجانات أم فيلم تجاري للجمهور، قال: "الفيلم لمن يتفرّجه، ولا أعلم هل سيكون نجاحه يصّب في الجانب التجاري أوعلى صعيد المهرجانات، لكن ما أنا متيقن منه ألا وهو أنني صنعته للمشاهد المحلي بطريقة تجعلني راضيًا عن المخرجة النهائية".
