للنفس البشرية في أطوارها وسياقاتها العديد من التقلبات والمتناقضات فنجدها بين الإحجام والإقبال ففي فترة تكون هادئة مطمئنة وفي فترة أخرى منزعجة تثار من أقل المواقف ونجدها في أعلى نشاطها حينما يتم تشجيعها بموقف أو كلمات جميلة ترفعها إلى مكانة عالية وفي فترة أخرى تميل إلى الكسل والراحة وعاجزة عن القيام بصغائر الأمور.
وهنا يثور التساؤل كيف نستطيع أن نجعل نفوسنا هادئة مطمئنة تصاحبها البهجة والسرور، وكيف يمكن لنا جعل توازنها وعافيتها من أهم الغايات وأعظم المقاصد لجعل حياتنا سعيدة؟
إن الإجابة عن هذا التساؤل تتضح إذا علمنا أن النفس البشرية لها مقومات إذا تم توظيفها التوظيف الصحيح فالقلب يطمئن، والنفس ترتاح، ويسكن الفؤاد، ولا يبقى للقلق مكان مما ينعكس على حسن قيامها بتكاليفها برضا تام.
إن القلب المطمئن هو قلب صاحب انشراح للنفس يستطيع أن يقف في وجه الحياة بصراعاتها العاتية حين تشتد المحن، وإذا دققنا النظر بين بهجة القلب والكون الواسع الذي نعيش فيه نجد أن هناك رابطة كبيرة تعتبر المسؤولة عن ارتباط البهجة التي يشعر بها الإنسان وراحة النفس حين تنفتح على الحياة وهي الرضا فهو المعنى الباطن لبهجة القلب واطمئنان النفس.
إننا إذا أردنا أن نعرف الرضا باعتباره السبب المباشر عن بهجة النفس لقلنا بأنه الصفة المتفردة التي تدل على أن الإنسان استطاع أن يحكم نفسه ويضبطها وأن يسود مملكته الداخلية بقناعة تامة ونفس راضية فيختفي منها الحسد والتباغض والكبر والحرص والحسد
وبعبارة أخرى نستطيع أن نقول بأن الرضا هو التركيبة النفسية الإيمانية التي تصاحبها معان جميلة تبعد الإنسان عن الهرج والمرج، وتعرفهم بالتأني والإتقان والإحسان ولين الطبع والصدق والوفاء والاعتدال فمصدر بهجة المؤمن هو الرضا وعدم السخط فالرضا هو زاد للنفس الطيبة بل هو من طيب الحياة.
إن النفس البشرية لا تطيق غياب البهجة عنها فهي من أهم المداخل لمن تهددت فيه روحه وتعرض فيه قلبه لمخاطر كبيرة بسبب ضغوطات الحياة وهيمنة المادة وسطوتها لدرجة جعلته في حالة نسي معها بهجة القلب واطمئنان النفس فلا يغمض له جفن ولا تستقر له راحة.
والمقصود بالبهجة هنا البهجة المطمئنة وليست البهجة الصاخبة غير الراضية عن حالها والتي لا تصحبها السكينة ويرويها اليقين والثقة في الله بأن كل ما يأتي عليها هو من أقدار الله أنها تسوقنا حيث يشاء سبحانه وتعالى.
وخلاصة القول نستطيع أن نقول بأنه حتى يكون لدينا مجتمع مستقر متعاون ومتآلف اطمأنت فيه نفوس أفراده وصاحبتها البهجة والسرور فتقبل على مواجهة مصاعب ومشقات الحياة، وقد دب فيها الأمل وانتشر فيها حب العمل من غير اكتئاب أو تقصير حتى يصل إلى الذروة ولا يوجد فيه همم محطمة أو نفوس ضعيفة لا تعلو لهم عزائم ولا ترتفع لهم رايات عالية لا بد أن يكون الرضا التام عن حياتهم هو شعارهم ومنهج حياتهم تتحقق به أسباب السعادة ومعاني النصر.
@Ahmedkuwaiti