بالفعل الإنسانية رتبة لا يصل إليها كل البشر، قليلون هم مَن لديهم الإنسانية، وفي مقالي هذا يشرِّفني أن أتحدث عن فئة اتصفت بحاملي راية الإنسانية، وتشرَّفوا بحملها، وهم الأطباء الذين لا نفقد الأمل في الشفاء من الأمراض، بعد الله، مع وجودهم بيننا.
اتصف هؤلاء بكافة معاني الإنسانية في تعاملهم مع المرضى ويزيدهم سموًّا ورفعة تمكّنهم من رسالتهم السامية التي كافأهم الله بها علمًا ومهارة، فاستحقوا الأجر الكبير من الله قبل الأجر الوظيفي.
يذهب المريض للطبيب متألمًا يعاني، وبفضل الله، ثم بمعاملة الطبيب الإنسانية وبنظرته الحانية وابتسامته المريحة وأسلوبه الراقي في الحديث، ترفع معنويات المريض، ويزول نصف ما يعاني منه أو أكثر، والباقي يزول بدواء الإنسانية، والأخلاق العالية، حتى قبل أن يستخدم العلاج الطبي. بالفعل مهنة الطب من أشرف المهن وأجلّها.
نذهب للطبيب ونرمي حملنا كله عليه، فيحتوينا بإنسانيته وأخلاقه، ونعود لنذكره بالخير وندعو له، ويتكرر الدعاء من كل مريض للأطباء حاملي رسالة الرحمة والأمانة والإخلاص، المصدر الرئيس لكل عمل يقدمونه للمرضى تقربًا إلى الله وإجلالًا «جلت قدرته سبحانه»، جهودهم واضحة وتضحياتهم كبيرة في سبيل إنقاذ أرواح الآخرين، يبثون الأمل في نفوس المرضى، ومن أحوج من المرضى للأمل في الشفاء!.
ووددتُ لو ذكرتُ كل واحد منهم باسمه إكرامًا لإنسانيته وما يقدّم، واحترامًا لأخلاقه وتمسُّكه برسالته المشرّفة، إلا أن مساحة المقال لا تسمح.
فكل مَن عرفتهم من الأطباء النبلاء كثيرون، لا تكفي لذِكرهم مجلدات، لكن التاريخ أمين ومُنصف، سجل بالتأكيد ويسجل في صفحاته المشرقة والمشرّفة جهودهم.
صنفان لا غِنى للناس عنهما، العلماء لأديانهم، والأطباء لأبدانهم، رحم الله الإمام الشافعي حيث صنّفهم بذلك.
ذكرت الجانب المضيء والمشرّف من صفات الطبيب الإنسان، وللأسف يوجد جانب مُعتم أو ضبابي من صفات البعض الآخر من الأطباء، سامحهم الله، الصورة السلبية التي تظهر منهم عند استقبالهم المريض، وكأنه رقم أو حالة فقط من الحالات التي تُعرض عليهم أثناء أداء عملهم، والمؤسف أكثر عندما يُقابل المريض المتألم بعدم الصبر من الطبيب وإبداء شيء من التذمر.. سؤال تهكّمي من طبيب.. يعني جاي تروي لي قصة حياتك!
«مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» عليك أفضل الصلاة والسلام يا رسول الله، وليست الكربة في الحاجة للمال فقط، فهناك كُرَب أخرى، منها حاجة المريض للشفاء.
الاهتمام والصبر والتواضع والحلم وحسن الاستماع والإنصات من صميم مهنة الطب. أنا لا أنكر أنه لا يوجد شخص خالٍ من مشاكل الحياة وظروفها الصعبة في جميع المهن والتخصصات، لكن لا يجب أن تنعكس سلبًا على الآخرين، وأخص المريض مهما كانت درجة شكواه لحاجته الضرورية للتخلص من أوجاعه وما يعاني.
aneesa_makki@