@ALAmoudiSheika
وأنا صغيرة كنت أظن أننا بمجرد نومنا نتحول إلى جماد ليصحو كل جماد ويمارس حياته، فتتنفس الدمى وتجوب المنزل وترتدي أثوابنا وتتعطر بعطورنا وتسرح شعرها بنفسها وتتزين بحلينا، كنت أظن أن الهواء يصبح ملونا وأن الماء يتراقص على الأنغام وتتحدث الأطباق مع الملاعق والأكواب وظننت أن الأشجار تسير من مكانها لتتحلق حول النار لتستمع لقصصها ودوما تقاطعها الأحجار المصفوفة حولها تستحثها على الانتهاء فقد اقترب النهار ولابد أن يعود الكل لمحله قبل أن يستفيق الإنسان.
سرني كثيرا بعد حين عندما كبرت قليلا وشاهدت فيلم «الجميلة والوحش» الذي أخذنا إليه والدي رحمه الله في دار عرض وسرني أكثر عندما رأيت نوافير الماء تضاء وتتراقص على الأنغام وقلت في ذاتي: الكل له خيال وهناك من ينسخه ليحوله واقعا مهما كان محالا.
هذا الحديث عاد بسرعة البرق عندما دخلت «إثراء» في رحلة جميلة كنت فيها مع زملائي وزميلاتي في صحيفة (اليوم)، كانت الزيارة الأولى لي ورأيت خيالا يتجسد بابتكار ونقلا لواقع شامل حصره محال، كان المبنى بالنسبة لي كسفينة فضاء وكان الزجاج العظيم مرايا تعكس الأفكار، شعرت أن ذرات الهواء تتنكر لتدخل مع إشعاع الشمس لتجول الأروقة وتحمل الإبداع لتسافر به عبر القارات وتتحدث عن كنز بشري يدعى «إثراء»، طاقمه مثقف، واع، جميل الهندام، يرتدي به الموظفون زينا الأنيق والعباءة رأيتها تنير الموظفات، وصحبنا وليد في رحلة في معرض الهجرة كان كفارس بعثته لنا تلك الأيام ليروي لنا قصة هجرة خير الأنام المصطفى عليه الصلاة والسلام بصوته ثابت القسمات، ومعلوماته التي توثقها الصور والمجسمات لنخرج من هذا الإبداع ممتنين للمكان.
أقسام كثيرة عرفنا عنها وأنشطة جمة تعرفنا بها وصعدنا القمر ولمسنا الأهرامات وسرنا في طرقات نيويورك في لحظة زمن، لم يكتف إثراء بهذا الإبداع الثقافي بل حملنا إلى دور مميز يغذي المذاق، فيه مطعم يستضيف كل حين مذاقا وتذوقنا ما كان نصيبنا من أطعمة البلدان لننهي الرحلة وقد تزود العقل والروح والجسد بخير وأمتع زاد.
ودعتنا مرافقتنا في الرحلة إيمان الخطاف وكانت سفيرة ملمة بكل أركان وأنشطة إثراء، حديثها فخر واعتزاز وانتماء للمكان، وقلت محدثة نفسي: أين كنت أنا عن كنز منوع المكونات يدعى «إثراء»؟
* ثروة
كنز العقل تظهره الكلمات وجوهر الأماكن يستدل عليه بالزيارات وهذه دعوة لن تعي نفاسة خزائنها ما لم تزر «إثراء».