أكدت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية أن العقوبات عاجزة حتى الآن عن إيقاف روسيا وإيران عن المضي قدمًا في خططهما العدوانية.
وبحسب مقال لـ«أحمد شيما»، فإن العقوبات الاقتصادية والعقوبات المالية تشكل واحدة من الأدوات التي تُستخدم في متابعة المصالح الجيوسياسية، أو التأثير على قرارات الدول الأخرى.
عوامل فعالية العقوبات
أضاف: مع ذلك، فإن فاعلية العقوبات في تغيير سلوك الدول أمر قابل للنقاش، ويرجع ذلك إلى أن سياسات وأحكام الدولة الخاضعة للعقوبات تتحدد وفق العديد من المتغيرات المتنوعة التي يُقدر مدى أهميتها قادة تلك الدولة.
ولفت إلى أن قدرات الدول على فرض تكلفة اقتصادية جسيمة وقدرة الدولة المستهدفة على تحمل التكلفة المفروضة هي محددات رئيسة للنتيجة النهائية.
واستطرد: في النهاية، يعتمد نجاح العقوبات الاقتصادية التي تفرضها الدول الأجنبية أو المؤسسات المتعددة الأطراف على كيفية تأثير هذه المتغيرات العديدة على البلد المستهدف.
الهند وباكستان مثالان على التفاعل بين المتغيرات
أشار الكاتب إلى أن من بين الأمثلة العملية على التفاعل بين هذه المتغيرات الهند وباكستان اللتين نجحتا في تطوير أسلحة نووية رغم العقوبات.
وأردف: خلص القادة الهنود إلى أن اقتصاد بلادهم كان قويًا بما يكفي لتحمل العقوبات الأمريكية، في الوقت نفسه، قررت باكستان أن عدم امتلاك أسلحة نووية يشكل تهديدًا خطيرًا على أمنها القومي، وأن العقوبات تبقى مقبولة رغم إضرارها بالنمو الاقتصادي، ونتيجة لذلك، مضى البلدان قدمًا في تجاربهما النووية.
روسيا تتمتع بنفوذ أكبر من الهند وباكستان
يقول الكاتب: مقارنة بالهند وباكستان، تتمتع روسيا بنفوذ أكبر بكثير، فلا يزال بوتين يتمتع بمعدل تأييد يزيد على 70%، أي أكثر بكثير من أي زعيم آخر في التاريخ خضع لعقوبات، والاستخدام غير المحدود للعقوبات ضد روسيا لن يكون مستدامًا بسبب ضعف أوروبا الجغرافي واعتمادها على الطاقة الروسية.
وتابع: روسيا مصدر ما يقرب من 40% من الغاز الطبيعي في أوروبا، وسيؤثر قرار بوتين بتقييد هذه الإمدادات على الصناعة والقطاع الصناعي في أوروبا، ولفت إلى أنه في حال تأخرت بدائل الغاز الروسي سينخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5%، ما قد يتسبب في صدمة اقتصادية على غرار ما حدث عام 2008.
استطرد: ربع إمدادات القمح والحبوب العالمية من أوكرانيا وروسيا، وطغى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء على البلدان منخفضة الدخل، لا سيما في إفريقيا والشرق الأوسط، ما أدى إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية.
وأوضح أن النتيجة الحتمية ستكون المجاعة والمرض، وموجات اللاجئين المهاجرة إلى أوروبا.
العقوبات لا تسبب فراغًا سياسيًا أو اقتصاديًا
واصل الكاتب: لا تتسبب العقوبات في فراغ سياسي أو اقتصادي، وحتى الدبلوماسية القسرية لها حدودها، خذ بعين الاعتبار دعم إيران لنظام الأسد في سوريا، الذي ساعده على بقائه في السلطة، أو مساعدة الصين لإيران في تقويض العقوبات.
وتابع: تضع الحكومات في اعتبارها ظروفها المحلية، وتقرر في كثير من الأحيان أنه لا خيار أمامها سوى التعايش مع العقوبات.
كوريا الشمالية طوّرت أسلحة نووية رغم العقوبات
أردف: على سبيل المثال، طوّرت كوريا الشمالية أسلحة نووية على الرغم من العقوبات الشديدة، حتى مع تجويع سكانها، وبالمثل، قد يقرر النظام الإيراني أنه لا يمكنه المخاطرة بتصفية برنامجه النووي ويواصل تطوير أسلحته لدرء التدخل الأجنبي أو تغيير النظام، حتى على حساب اقتصاده.
وأضاف: إذا حدث ذلك، يمكن لإيران أن تتطلع إلى الصين التي وقعت معها اتفاقية تعاون استراتيجي مدتها 25 عامًا، وفي عام 1999 اختارت باكستان تجاهل تعديل «بريسلر»، الذي حظر معظم المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية، واتبعت سياسة عدّتها لا غنى عنها لبقائها، وقد يتوصل النظام الإيراني إلى نفس القرار.
