Dr_fatima_Alreda
الأخضر لون الحياة، لون الشجر، لون الربيع، لون السلام، لون الحدائق والبساتين، لون الجنان، لون يبعث على الراحة والطمأنينة والاسترخاء. يحل اليوم الوطني علينا هذا العام مصاحبا لفعاليات معرض مدينة الأحلام: ذا لاين.
في استعدادنا لهذه المناسبة الغالية على قلب كل مواطن ومقيم في هذه البلاد يراودنا الأمل والشغف والطموح بأن نرى تلك المدينة وقد اصطبغت باللون الأخضر، لون الحياة، لون جنات الفردوس، لون العلم، لون الوطن. نراه وقد انعكس في مرآة جدار المدينة ذاك الجدار الأسطوري. نعيشه في الحدائق المعلقة بين طبقات المدينة. نراه في النباتات المتدلية من جدران وأسقف مساكن المدينة. غير أن الاخضرار هنا ليس مجرد لون نراه، إنه مفهوم يضرب بجذوره عميقا في بنية المدينة وآليات تشغيلها والبيئة الخضراء النظيفة التي تصاحبها.
فعندما أعلن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، عن تصاميم مدينة «ذا لاين»، أعلن عما يصعب أن تستوعبه العقول حجما وكيفية وتقنية. أعلن عن طموح ورؤية لمستقبل مدينة مختلفة عن كل ما شهدناه، نموذج للمجتمعات الحضرية المستقبلية الواعية التي ترتكز على ديمومة مصادر الكرة الأرضية وتنقيتها من كل الملوثات. فقد اعتمدت تصاميم ذا لاين على البيئة الخالية من الشوارع والسيارات وأي انبعاثات كربونية، تصاميم تعتمد على الطاقة المتجددة بنسبة 100 %، لجعل الأولوية صحة الإنسان.
إن تصميم مدينة ذا لاين الخطي بطول 170 كم، وعرض 200 متر وارتفاع 500 متر فوق سطح البحر يساهم في الحفاظ على 95 % من أراضي نيوم للطبيعة، والتي تجعلنا نحس بعودة الأرض والتي شاهدناها في عروضها التصميمية، فالأرض ستعود خضراء بمساحات شاسعة، ستعود الطبيعة لتغطي سطح الأرض، ستعود علاقة التربة مباشرة بالهواء الطلق وتزيح الطبقات الأسمنتية الخانقة التي كانت تغطي سطحها. وبهذه الحدود الأفقية والعمودية للمدينة يعود سطح الأرض كما كان بمساحات شاسعة يحرك الهواء رماله وتغرس الأشجار الخضراء جذورها عميقة في جوف الأرض.
ذا لاين، إنها واقع وتخطيط مختلف عن غيره ورفع لسقف التوقعات لشكل أي مدينة ذكية ومستدامة، وهي بناء لهوية جديدة مختلفة تماما عن الهويات النمطية لمدن العالم المعاصرة. في ذا لاين بناء هوية مجتمعية وذاكرة جمعية لأجيال الحاضر والمستقبل، وتجتمع فيها دراسات لتجارب تصميم المدينة الخطية والتي بدأها سوريا ماتا في 1882م ونشر تصاميمها في دورية مدريد البروغريسو، ثم تلاه تصميم ابنيزر هوارد في 1898م لمدينة الحدائق المستقبلية، ثم إدغار هامبليس في 1911م وتصميمه للمدينة كخط منحني، ثم غونزاليس دي كاستيلو في عام 1919م، وأظهر أيضا ليكوربوزييه اهتمامه في تصميم المدينة الخطية، وشارك كل من بيتر ايزنمان ومايكل جريفز في عام 1965م بتصميم مدينة خطية أطلق عليها ممر جيرسي، وغيرهم الكثير، تكون بذلك فكرة المدينة الخطية مرت بمراحل تصميمية مختلفة على يد 17 معماريا ومخططا لتصل إلى تخطيط مدينة ذا لاين التي درست كل ما سبق وقدمت بناء عليه الأحدث من الحلول.
تظهر مدينة ذا لاين بجدار مرآتها الخضراء مراعية الدمج بين الطبيعة الخضراء والعمران. وتظهر التصاميم الداخلية للمدينة ساحرة في تنظيم كتل وعلاقات من عالم مختلف يغطيها اللون الأخضر على امتداد البصر وبارتفاعات متدرجة، وبتعدد وحداتها التي تجتمع فيها مختلف الثقافات تحت لواء الطبيعة الخضراء في ذاك الوادي الأخضر الممتد بامتداد المدينة. وحتى ذلك اليوم ستصطبغ الجدران بالأخضر ونرفع الأعلام الخضراء وفاء لذكرى اليوم الوطني السعودي. فهذا يوم الوطن، وهذه ذا لاين مدينة خضراء وقد توشحت بعلم الوطن في يوم الوطن.