@shlash2020
ذكر سبط ابن الجوزي في كتابه مرآة الزمان في تواريخ الأعيان: قال رجل للخليفة الأموي عبدالملك بن مروان: لي إليك سر، فصرف جلساءه، فلما أراد الرجل أن يتكلم قال له: لا تمدحني فإني أعلم بنفسي منك، ولا تكذبني فإني أمقت الكذاب، ولا تغتب عندي أحدا فإني أكره الغيبة، ولا تسع إلي بأحد فإني لا أقبل السعاية، فبهت الرجل، قال: وإن شئت أقلتك، قال: أقلني، فأقاله.
ماذا سيحدث لو طبقنا كلام الخليفة عبدالملك بن مروان في مجالسنا ومقار عملنا ومواقع التواصل الاجتماعي؟!
من أراد أن يمدحنا أوقفناه، لأننا أعرف بأنفسنا من غيرنا، ولأن بعض المدح يعمي عن نقاط الضعف - ومن الذي يخلو منها؟- ويجعل الإنسان في نفس المكان لا يتطور ولا يتقدم، وقد قال رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم «إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب»، وطبعا هذا لمن اتخذ المدح مصدر رزق يتكسب من خلاله حتى ولو ظلم نفسه.
ومن أراد أن ينقل لنا ما يصله عبر الواتساب وما وقعت عليه عيناه في مواقع التواصل، وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع كما قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، قلنا له: هات الدليل على كلامك!
ومن أراد أن يتكلم بالقريب والبعيد، متكبرا ومنتقدا جميع البشر قلنا له: توقف عن أكل لحوم الآخرين، فمن اغتاب عندك ينتظر فقط خروجك من المجلس ليبدأ بلحمك! وهو من يجالسه المفلسون الذين يحولون حسناتهم لغيرهم بفعل ألسنتهم.
ومن جاءنا بلباس الناصح المحب، وأخذ ينقل لنا ما قال: فلان وعلان، ردعناه عن هذا المسلك القذر، فمن رضي بهذا الطريق تدنت مروءته ولم تؤمن صداقته، والجنة لا يدخلها نمام كما أخبر من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله وسلم.
أعتقد لو طبقنا ذلك فأوقفنا المنافق والكذاب والمغتاب والنمام ستغلق كثير من المجالس والاستراحات وتخسر العديد من المقاهي، بل وستغلق حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ويفصل العديد من وظائفهم.
أعيدوا مجالسكم لنقائها، أعيدوا حياتكم لنقائها بلا نفاق، ولا كذب، ولا غيبة ولا نميمة!
هل هو صعب؟!
لا! فقد كنا كذلك وما زالت بعض المجالس تشع ضياء.