DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

فؤاد المهندس.. ناظر مدرسة المضحكين وأستاذ النجوم

فؤاد المهندس.. ناظر مدرسة المضحكين وأستاذ النجوم
فؤاد المهندس.. ناظر مدرسة المضحكين وأستاذ النجوم
فؤاد_المهندس
فؤاد المهندس.. ناظر مدرسة المضحكين وأستاذ النجوم
فؤاد_المهندس

هو "أكثر الناس لمعانًا على المسرح وأكثرهم جماهيرية، هو الفنان الوحيد الذي يستطيع أن يحل محل نجيب الريحاني، سيظل أطولهم باعًا واسمه سيظل الأشهر في دنيا المضحكين، لأنه إذا كان بينهم مَن يتمتع بموهبته فليس لديه من يتمتع بذكائه".

أحسَن الكاتب محمود السعدني وصف الراحل فؤاد المهندسن، وقد أنصفه به، فهو حقًا الرجل الذكي صاحب المواهب المتعددة والواصل بين عصرين فنيين، وحسبنا إذا ذكرت كلمة "الأستاذ" فإنما يرافقها في مخيلتنا اسم فؤاد المهندس.
من بيت محافظ خرج المهندس يحمل شغفًا خاصًا بالمسرح وحبًا فريدًا له، متخذًا من شارلي شابلن ونجيب الريحاني مصباحين يهتدي بهما إلى النجومية في بداياته، وحتى قبل أن يقف على مسرح الكلية.
فؤاد الفتى الحالم والابن لأستاذ جامعي متخصص في اللغة العربية هو الدكتور زكي المهندس، اختار شقَ طريق الفن في وقت كانت النظرة فيه غلى الكوميدي بها منقصة، غير مبال بمن عارضوه متعلّلين بمنصب والده، فعرف مواهبه وأعلن عنها ليرسم اسمه بين النجوم.

اللقاء الأول بنجيب الريحاني


في حفل زفاف أخت فؤاد المهندس، وسط فرحة المعازيم والأهل وانشغال كل منهم بالتركيز على العروسين؛ صفية المهندس ومحمد شعبان "بابا شارو"، لم يكن يشغل ذهن فؤاد غير ضيف واحد وسط الحضور، إنه نجيب الريحاني، بعينه ظل يرقبه ويتحيّن الفرصة ليتقدم ويعرَّف نفسه إليه، فظل طوال الوقت ملازمًا للريحاني حتى أغضبه من ملاحقته، فنهره الريحاني بأسلوبه "يا ابني حرام عليك أنا مش عارف أتنفس منك.. روح في داهية"


قبل أن تأتي صفية وتعرِّف الريحاني بأخيها الشاب فؤاد، الذي يُجهد نفسه في تقليد أستاذه الريحاني ليل نهار حتى حفظ أدواره وحركاته.


حيلة المهندس للعمل مع نجيب الريحاني


على مسرح كلية التجارة بجامعة القاهرة، ظل المهندس يمارس شغفه بإتقان مؤديًا مسرحية تلو أخرى، ومع هذا ظل حلمه بالعمل مع الريحاني يراوده، فاهتدى إلى حيلة يصل بها إلى أستاذه، حين طلب منه مقابلة صحفية لمجلة الكلية، وفي ختامها أقنعه بإخراج أحد أعمالهم على مسرح الجامعة.

وافق الريحاني فاستغلّ فؤاد وجوده معه على مسرح واحد ليجتهد في تقليده، معتقدًا أنه سينال إعجابه، لكن على عكس ما توقع كان تعليق الريحاني له "لازم تكون لك شخصية مستقلة.. عايزك تكون فؤاد المهندس مش نجيب الريحاني".


تلك النصيحة الذهبية التي طبَّقها "الأستاذ" كما يجب، حتى صنع ليس فقط شخصية مستقلة بل مدرسة متميزة لا يزال صداها يتردد لليوم.


بداية الاحتراف المسرحي


في النعاية نجح المهندس وحقق حلمه وانضم إلى فرقة نجيب الريحاني المسرحية بينما كان طالبًا. وظل ملازمًا له من يومها، يتعلّم منه وفي الوقت نفسه يبني أسلوبه الخاص، حتى إن كانت الأدوار التي يحصل عليها صغيرة، فوجوده إلى جوار الريحاني كان كل ما يريد وكل ما يحتاج إليه لصقل مواهبه.

وأخيرًا تخرج فؤاد المهندس في كلية التجارة عام 1948، فقرر إلى جوار العمل بفرقة الريحاني، استلام وظيفته بإدارة الشباب في الجامعة ليكون قريبًا من مسرحها، ويتولى إخراج عديد من المسرحيات.


رحلته مع الإذاعة


عام 1953 وبعد مرور ثلاث سنوات على رحيل عراب المهندس الأستاذ نجيب الريحاني، انضم فؤاد المهندس إلى فرقة "ساعة لقلبك"، ليقدم لنا وصلات ممتعة من المرح عبر الإذاعة المصرية رفقة صديق دربه عبد المنعم مدبولي الذي شارك في كتاية الحلقات.

أحب فؤاد المهندس العمل الإذاعي كثيرًا، فكان مشواره مع الإذاعة المصرية طويلًا وثريًا، برزت فيه موهبته الكوميدية وطريقته المميزة في اقتناص الضحك من الجمهور، ومن أشهر آثاره برنامجه "كلمتين وبس" الذي بدأ تقديمه عام 1968، وعالج فيه السلبيات الاجتماعية والروتين، وكان معتادًا أن يبدأ المصريون به يومهم كل صباح في الساعة الثامنة إلا 5 دقائق، كتبه الصحفي أحمد شفيق بهجت وأخرجه يوسف حجازي.

من رئيس فرقة الأناشيد إلى الإذاعة المصرية


أحب فؤاد المهندس الغناء منذ صغره، فكان رئيسًا لفرقة الأناشيد في أثناء المرحلة الابتدائية، واشتهر بأذنه الموسيقية واختياره الألحان المناسبة للأغنية، أيضا كان صوته موهبة بارزة، وخلال رحلته عمل مع ملحنين كبار أمثال محمد عبد الوهاب وسيد مكاوي، ولا تزال أغاني الأستاذ حاضرة معنا لليوم خاصة أغاني الأطفال مثل رايح أجيب الديب من ديله.


ذكريات محمد المهندس عن والده


لم يكن المهندس رائدًا فقط في العمل الفني، بل كان مثالًا للأناقة والموضة أيضًا، تقلده الجماهير في ملبسه، وتقتفي أثره. وبحسب ما يحكي ابنه محمد المهندس "كان الراحل أستاذًا في الأناقة وفي التعامل مع الناس، وأيضًا في فن الاستماع إلى الست أم كلثوم".

يكمل محمد المهندس موضحًا أن والده بكل صيته ونجوميته كان متواضعًا للغاية، وعلَّم أبناءه التواضع، وكانت جلسته المفضلة على كرسي بسيط جوار حراس عقارات المنطقة وعاملي الجراجات، خصوصًا كل جمعة عقب عودته من الصلاة، وكان يتعامل مع العمال على أنهم جزء من الأسرة، يتحدث معهم بخصوص مشكلاتهم ويحاول حلها. كما كان حريصًا في المناسبات الخاصة على أن يشاركهم فرحتهم، خصوصًا في عيد الأضحى، فيحضر الذبح معهم في الصباح ويجلس معهم لاحتساء الشاي والمسامرة.

ويتحدث ابن المهندس عن مواقفه الطريفة خاصة حضوره العزاء، الذي لا بد أن ينقلب إلى وصلة ضحك، لأن المهندس محب للحياة ولم يكن يترك اي شيء يعكر صفو هذه المحبة أبدًا.


زواجه من شويكار وانفصالهما


كان أول لقاء بين المهندس وشويكار، على خشبة المسرح عام 1963، بترشيح من رفيقه عبد المنعم مدبولي.

مثَّلت أمامه وأثبتت موهبتها فتعددت الأعمال المشتركة بينهما بعد ذلك، كما أوقدت شرارة الحب في قلبيهما وتبادلا الإعجاب الصامت، حتى قرر فؤاد المهندس التقدم وعرض الزواج عليها خلال مسرحية أنا وهو وهي، ليتزوجا بعد الواقعة بفترة، تحديدًا بعد انتهاء فيلم "هارب من الزواج" والذي كان أول عمل مشترك لهما في السينما. واستمر زواجهما قرابة الـ20 عامًا قبل أن ينفصلا في هدوء محافظين على المحبة بينهما حتى آخر العمر.

قصة-حب-شويكار-وفؤاد-المهندس-


رحيل فؤاد المهندس


في الـ16 من سبتمبر 2006 رحل الأستاذ فؤاد المهندس بعد مسيرة امتدت لأكثر من نصف قرن، أمتعنا بها وأبهجنا بفن راق وبأسلوب متميز، ليلحق بصديقه عبد المنعم مدبولي الذي رحل قبله بشهرين فقط، كأن لسان حاله يقول أدَّينا رسالتنا وحان وقت راحتنا معًا كما كنا في الدنيا صحبة.

أكثر من 160 عملًا فنيًا كوميديا وتراجيديَا للكبار والأطفال في المسرح والسينما والإذاعة والتليفزيون، إرث الأستاذ، بالإضافة إلى نجوم كبار صنعهم فؤاد المهندس وعلمهم كعادل إمام وسمير غانم، ما يشهد له بالسبق ويضمن له مكانا بارزا في الذاكرة الشعبية المصرية والعربية.