@salemalyami
أيام مباركة مرت على العالمين العربي والإسلامي هي أيام عيد الأضحى المبارك والاحتفاء بالحج هذه الشعيرة المهمة في حياة المسلمين، وخلال الربع قرن الماضي، الذي قضيته بالعمل وفي سلك الوظيفة غالباً ما مرت هذه الأيام المباركة ونحن زملائي وأنا على رأس العمل، الذي يكون مكثفا هذه الفترة وتقل فيه الإجازات، حيث نحتاج لكل الطاقات وتزودنا الوزارة ببعض الموظفين للدعم والمساندة في إنجاز تأشيرات الحج، التي تختلف بحجمها وكثافة العمل حولها من بلد إلى آخر. منح تأشيرات الحج المجانية، التي لا يدفع الحجاج نظير حصولهم عليها أي مبالغ مادية، وتسخير كل الطاقات لخدمة الحجيج كان إحدى العلامات البارزة في عملنا السنوي، حيث يكون كل الموظفين في الممثليات السعودية بالخارج عونا للحجاج على تأدية هذه الشعيرة العظيمة. وجرت العادة قبل كل موسم حج ولسنوات طويلة أن تزود الوزارات المعنية في الداخل وفي طليعتها وزارة الثقافة، التي كانت تعرف في ذلك الوقت بوزارة الإعلام عادة ما تزود السفارات والبعثات الدبلوماسية في البلدان الإسلامية، وفي تلك التي فيها جالية إسلامية بأشرطة فيديو حول الحرمين الشريفين، وحول الرحلة الإيمانية الأعظم رحلة الحج إلى بيت الله، وفي مثل هذه الأجواء كنا نقضي الساعات الطويلة من العمل، ونحن نستمع ونشاهد هذه الأشرطة، التي نوزع العدد الكبير منها على وسائل الإعلام في البلد المضيف. وأتذكر في إحدى السنوات وكنا أربعة أو خمسة موظفين نعمل بشكل شبه متصل لإنجاز تأشيرات الحج، وكانت مكاتبنا تطل على ساحة صغيرة مستطيلة وغالباً يكون في تلك المساحة بين المكاتب جهاز تليفزيون وجهاز عرض للفيديو، بحيث يعمل الفيديو بصورة متصلة يردد التكبيرات والتهليل، وفي بعض المقاطع يرفع صوت الأذان بالطريقة المميزة والخاصة جداً للمسجدين الحرام بمكة المكرمة، والنبوي الشريف بالمدينة المنورة. كان الوقت في البلد، الذي نعمل فيه شتاء ودرجة الحرارة اثنتي عشرة درجة تحت الصفر، وكان الكل منهمكا بالعمل في أجواء تختلط فيها المشاعر، مشاعر البعد عن البلد والأهل في موسم مبارك، ومشاعر الغربة والبعاد عن الأهل، خاصة الوالدين، بالإضافة إلى مشاعر أخرى تشعر بنوع من الرضا، حيث يتذكر المرء منا أنه يقوم بعمل نبيل وكريم وشريف هو امتداد لكل تلك المعاني، التي تقدمها بلاده للمسلمين في أرجاء المعمورة. الحياة والعمل والغربة والصحة والبحث عن المستقبل كل هذه المعاني بثمن، وعلى المرء أن يحمد الله على ما رزقه في هذه الحياة.