تعتني الشرائع السماوية وأكملها وختامها الإسلام بسلامة الإنسان وصحته، التي جعلتها من الحقوق التي أقرتها الشريعة الإسلامية ثم جعلتها القوانين الوضعية أيضا محل اهتمامها، ومن الأخطار التي تتعلق بحياة الإنسان وسلامته الأخطاء الطبية، وهي من المخاطر التي طرأت مع التقدم في مجال العلوم الطبية وتقديم الخدمات الصحية لأفراد المجتمعات، ومع ذلك فإن الأخطاء الطبية تتكرر حتى في أكثر الدول وأكثر المؤسسات الطبية حتى غدت ظاهرة نسمع عنها في جميع دول العالم، ولذلك فإنه لا بد من العناية بتحديد واجبات الطبيب والتزاماته تجاه المرضى، وأن يتم تضمين ذلك في التشريعات والأنظمة الطبية، لا سيما أن الطب وهو من المهن الفنية الدقيقة، التي قد يتسبب الخطأ فيها بنتائج كارثية على المرضى قد تؤدي إلى الوفاة ومع أن ذلك لا يعد من الجرائم، التي يرتكبها الإنسان بحق أخيه الإنسان إلا أنه جريمة غير متعمدة تمس الحياة الإنسانية وتؤدي إلى أضرار على الفرد والأسرة والمجتمع، كما أن سلامة الفرد وصحته تعتبر من الأسس المهمة للأمن الشامل، الذي تسعى الدول والمجتمعات لتحقيقه في جميع الأوقات، ومن المعلوم أن الأضرار التي قد تقع نتيجة للأخطاء الطبية قد تصل إلى الموت أو إلى إعاقات مستديمة تجعل مَن يتعرض لها يعيش حياة قاسية تؤثر عليه وعلى أفراد أسرته، خاصة من جهة قدرته على تناول الطعام والشراب وقضاء الحاجات وغير ذلك مما تكون له آثار نفسية واقتصادية على الفرد والأسرة والمجتمع. ومع المنزلة السامية لمهنة الطب والاحترام والتقدير للأطباء والكوادر، التي تعمل في هذه المهنة الإنسانية النبيلة إلا أن الأخطاء قد تقع لأسباب عدة أهمها الأخطاء الفنية أو الإهمال أو عدم اتباع أصول المهنة من قبل البعض، وكذلك لا يمكن تبرئة المؤسسات الطبية من المسؤولية، خاصة عندما تحمل الأطباء أعباء أعداد كبيرة من المرضى، كما أنها قد تقصر أحياناً في تأمين الاحتياجات والأجهزة والمواد الطبية والأنظمة، التي تساعد الأطباء والكوادر الطبية على أداء واجبها كما ينبغي أن يكون، ومع ذلك فإن هذا التقصير لا يبرر ارتكاب الأخطاء في أي حال؛ لأن كل الأسس العامة والأخلاقيات المتعارف عليها لمهنة الطب تفرض على الطبيب أن يتصرف دائماً ضمن التعليمات والالتزامات والواجبات، التي تفرضها أنظمة ولوائح المهنة والتشريعات الخاصة بممارستها، حيث إن عليه عند الضرورة أن يتخذ القرارات التي تضمن إنقاذ حياة المريض وسلامته حتى لو تعارضت مع هذه التعليمات والأنظمة، وإذا لم يتصرف بهذه الطريقة أو أهمل أو قصر في اتخاذ القرار المناسب، الذي يضمن سلامة المريض وحياته، فإنه يكون عرضة للمساءلة، ولذلك فإنه ينبغي أن يتم تعريف الكوادر الطبية بالواجبات، التي تفرضها القوانين، والتي تنظم هذه المهنة، كما يجب العمل باستمرار على تحديث التعليمات المتعلقة بالأخطاء الطبية بما يتلاءم مع المستجدات العلمية والمهنية، كما أنه من الضروري وضع آليات لمراقبة الأخطاء وإحصائها وتصنيف مسبباتها، وملاحظة الأخطاء من جهات تضبط النزاهة والجدة وضمان حقوق المتضرر وحماية الأطباء أيضا، وتمكينهم من ممارسة عملهم بحرية مما سيقلل هذه الأخطاء وأضرارها.
@Fahad_otaish