DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

«المسرح» أفضل مكان للتفاعل الإنساني في زمن التواصل «الوهمي»

هجرة المسرحيين إلى التليفزيون خلقت فجوة واسعة بين الأجيال

«المسرح» أفضل مكان للتفاعل الإنساني في زمن التواصل «الوهمي»
أقامت جمعية الثقافة والفنون في الدمام حفلا بمناسبة الاحتفاء بيوم المسرح العربي، وكانت بداية الحفل بمشهد مسرحي من إخراج معتز العبدالله وتأليف عبدالله غزواني وعبدالرحمن السعيد وتمثيل الفنانين تيم وموسى العبدالله وثامر الخالدي، ثم كلمة مدير المسرح في الجمعية ناصر ظافر، وكلمة المسرح العربي قراءة المسرحي راشد الورثان، ومحاضرة لمدير عام فروع الجمعيات المسرحي د. نايف الثقيل بعنوان «المسرح والثقافة العربية».
اللقاء الإنساني
وألقى الورثان رسالة الاحتفاء بيوم المسرح العربي، التي كتبها المسرحي اللبناني رفيق علي، مؤكدا فيها الحاجة الماسة إلى المسرح، ففي زمن التواصل «اللاإنساني» الذي فرضته التكنولوجيا الحديثة، يغدو المسرح مكان اللقاء الإنساني بامتياز، سواء من حيث التفاعل بين العاملين فيه، أو بينهم وبين الجمهور، أو بين الجمهور نفسه حين يخرج من الصالة مزدحما بالأفكار والأسئلة، وهل أجمل من حرارة التواصل المباشر بين البشر، الذين جعلهم الله شعوبا وقبائل ليتعارفوا، أي ليتلاقوا ويتحاوروا ويتناقشوا في كل ما يخص حياتهم المشتركة؟
وأضاف: في زمن جعلته القوى المهيمنة زمن صراع الحضارات، تغدو تلك الحاجة إلى المسرح ملحة أكثر، لأن عالمنا يتعرض إلى عملية تدمير ممنهجة من خلال فرض ثقافة وحيدة سائدة تحت شعار عولمة متوحشة، تقاس قيمة الإنسان فيه بقوته الشرائية لا بقوته الفكرية والإبداعية، وفي ظل هذا الواقع الذي تسلع فيه كل شيء، يقف المسرح المنفتح على الفنون جميعها، والقادر على الاستفادة من العلوم جميعها، يقف في خط المواجهة الأمامي، لأنه لا يستطيع أبدا التخلي عن القيم الإنسانية الفكرية والروحية والمعنوية، التي تشكل جوهر وجوده وسر استمراره عبر الزمن.
أزمة حادةوتابع: نجدد رهاننا على المسرح ودوره ومعناه، ونحن ندرك أن المسرح في العالم كله يعيش أزمة حادة، وهي أزمة تتضاعف في حالة المسرح العربي، لأنها تأتي ضمن أزمات أعم وأشمل في السياسة والاقتصاد والاجتماع، لكن في معزل عن واقع الحال العربي، فإن السؤال الدائم الذي نطرحه: متى لم يكن المسرح العربي في أزمة؟
وجوابا على هذا السؤال، أسمح لنفسي بأن أستعيد التوصيات التي صدرت منذ أكثر من 40 عاما عن أول مهرجان مسرحي شاركت فيه في دمشق، وكانت تشدد على تفعيل العمل المسرحي العربي وتطويره على صعيدي الشكل والمضمون، مؤكدة وجوب البحث عن السبل والأساليب لتمتين العلاقة العضوية بين العمل المسرحي والجمهور، من يومها حتى الآن لا شيء تغير، الأزمة نفسها، النقاشات نفسها، التوصيات نفسها وواقع الحال نفسه.
مرآة المجتمعوأضاف الورثان في كلمته: أسباب كثيرة أدت إلى ابتعاد الناس عن المسرح، منها ما يتعلق بالواقع العام، ومنها ما يخص أهل المسرح وصناعه، وإذا كانت الأعمال المسرحية مرآة المجتمع، فأبناء مجتمعاتنا لا يرون أنفسهم ولا واقعهم في هذه الأعمال، ومن أهم أسباب هذه الغربة «التغريب»، الذي وقع فيه كثيرون منا، إذ إن تقليد الأساليب الغربية من قبل بعض المسرحيين تطلعا «للعالمية» وطمعا في الجوائز، بات موضة ودليلا على الحداثة و«العصرنة»، وللأسف فإن الكثير من المهرجانات المسرحية العربية تسهم في تشجيع هذه الظاهرة، فتمتلئ القاعات بالمسرحيين المشاركين بأعمال يسمونها «نخبوية» في ظل غياب مؤسف للجمهور، الذي من أجله وجد المسرح.
كأن المسرح لا تكفيه التحديات الكثيرة، التي تواجهه في عصر الذكاء الاصطناعي، ويواجه الإبداع الفني تحدي التفاعل مع التكنولوجيا الحديثة، تأتي هجرة جيل كامل من المسرحيين إلى الأعمال التليفزيونية بحثا عن فرصة عمل ومصدر رزق، أو جريا وراء نجومية تائهة، هذا الأمر خلق فجوة واسعة بين الأجيال، وأدى إلى فقدان حلقة وصل أساسية بين جيلي الرواد والشباب، وكما هو معلوم فإن التواصل المباشر بين الأجيال أمر مهم وضروري لا تعوضه النظريات والدروس والكتب مهما بلغت من الجودة والقيمة.
استمرار الغيابواستكمل حديثه قائلا: لا يسعني في اليوم العربي للمسرح سوى التساؤل عن أسباب استمرار غياب التربية الفنية والمسرحية عن مناهجنا الدراسية اللهم إلا قلة منها، والتمادي في تهميش المسرح وتجاهله من قبل العديد من وزارات الثقافة في بلداننا العربية، وعدم دعمها للأعمال المسرحية الجادة والمجددة بذريعة شح الميزانية ونقص الإمكانات، فيما نلاحظ كيف تصرف الأموال الطائلة على أمور سطحية واستهلاكية تافهة، وكأن الأمم والشعوب تنهض وتتقدم بلا آدابها وفنونها وفي مقدمتها المسرح.
ولعل السؤال الأكثر إلحاحا، الذي يواجهنا كمسرحيين عرب هو: كيف نعيد وصل ما انقطع مع أجيالنا الشابة، التي تتطلع لمشاركتنا هذه المسؤولية؟ إذ إن استعادة الجيل المأخوذ بـ«السوشيال ميديا» ولغتها وإشاراتها ورموزها، والمستلب من لغته وثقافته وهويته، مهمة شاقة لا يقوى عليها المسرح وحده، وإنما هي مهمة كل المشتغلين في الشأن العام، لكن ربما علينا، نحن أهل المسرح وصناعه، أن ننزل إلى الشارع ونرصد هواجس الناس وهمومهم وتطلعاتهم ونحولها إلى أعمال فنية جذابة تكون مرآة يرى الناس أنفسهم فيها دون تقليد أعمى للغرب، ولا إغراق في الموروث الشعبي.
هدم الحواجزوأردف: نريد مصالحة شبابنا عبر مسرح بسيط، لا مبسط، يجعلنا نرى صورة ناسنا وواقع مجتمعاتنا، نحن في أمس الحاجة إلى مسرح يهدم الحواجز النفسية والجغرافية بين البشر، ولن يتسنى للمسرح تحقيق ما يصبو إليه إلا إذا كان حرا لا يعترف برقابة، ولا تحده حدود، لينتج ويقدم ما يعبر عن هويتنا الثقافية والإنسانية، التي تشكل مكونا عضويا من هوية العالم برمته.
طريق متميزوعن تحدث مدير عام جمعية الثقافة والفنون د. نايف الثقيل في ورقته عن الثقافة ومعناها، الذي يحدد بعض ملامحها وأهميتها، وعرج على بداية العلاقة بين الثقافة العربية والمسرح، وأبرز ملامح هذه العلاقة، موضحا أن الثقافة لا توجد إلا بوجود المجتمع، ثم إن المجتمع لا يقوم ويبقى إلا بالثقافة، وهي طريق متميز لحياة الجماعة ونمط متكامل لحياة أفرادها، فالثقافة مؤثرة في تكوين المجتمع، وتحديد مساره ومواقفه ونظرته للعالم.
كما أن الثقافة، التي اكتسبها العرب من مكوناتها والتي، كما قلنا، يؤدي فيها الدين والسياسة دورا كبيرا، وهذان المكونان لعبا دورا جوهريا في تحديد ملامح العلاقة بين الثقافة والمسرح، لذلك فإن موضوع تعريف الثقافة العربية وبداية علاقتها بالمسرح كان مرهونا ربما بشكل خفي، من وجهة نظري المتواضعة، بهذين المكونين، وغيرهما.
رقي المسرحوأوضح مشرف لجنة المسرح الفنان ناصر الظافر، حرص اللجنة على الحضور في الفعل المسرحي متجددين بكل ما يسهم في رقي المسرح وجمهوره، وقال: في أجندتنا هذا العام ملتقى النص المسرحي وملتقى المونودراما والديو دراما، بالإضافة إلى دورة متقدمة في السينوغرافيا ودورة مسرحية للأطفال، كما تقوم اللجنة بتفعيل أنشطة ولقاءات الحلقة المسرحية والمقهى الثقافي المسرحي.
في زمن صراع الحضارات أصبحت الحاجة إلى المسرح أكثر إلحاحا
المسرح عالميا يعيش أزمة حادة تتضاعف في حالة الوطن العربي
القيم الفكرية والروحية والمعنوية سر استمرار المسرح عبر الزمن