طبعاً التراجع البسيط في العائد على الاستثمار للصندوق السيادي النرويجي كان بسبب انخفاض الطلب وبالتالي السعر على النفط نتيجة جائحة كورونا. ولمعرفة مدى قوة صندوق الثروة السيادية النرويجي فقد قسمت إجمالي الاستثمارات على عدد سكان النرويج البالغ حوالي 5.480.412 نسمة في 2021م فكان نصيب كل نرويجي حوالي 255.455 دولارا أمريكيا أو حوالي 957.957 ريالا سعوديا. أما نصيب كل نرويجي من أرباحه في النصف الأول من 2021م فقد بلغ تقديره حوالي 25 ألف دولار أمريكي. ولو افترضنا أن العائد على الاستثمار في سنة 2021 ارتفع إلى ما كان عليه في سنة 2017 حوالي 13.1 % لارتفع نصيب كل نرويجي من العائدات إلى حوالي 33.464 دولارا في سنة 2021م.
هذا دليل على قوة الصندوق السيادي الترويجي من حيث الإدارة في اختيارها لقنوات الاستثمارات العالية من حيث العائدات الاستثمارية. ستستفيد الأجيال النرويجية الحالية والقادمة من عائدات صندوق الثروة السيادية النرويجي العملاق عندما تنضب حقول النفط، بحيث يستمر النرويجيون في جني المكاسب المالية من تنامي الأصول التي حققها الصندوق التقاعدي الحكومي الشامل عوضاً عن إيرادات النفط المتراجعة. يكمن سر نجاح وتميز إدارة الصندوق السيادي النرويجي في الشفافية والمهنية وتحديد ووضوح المسئولية والمحاسبة أمام البرلمان والحكومة والشعب النرويجي.
يدير البنك النرويجي لإدارة الاستثمار الصندوق السيادي النرويجي، وهو مؤسسة منبثقة عن البنك المركزي النرويجي. وقد أخذ البنك النرويجي لإدارة الاستثمار في الاعتبار تعظيم عائدات استثمار الصندوق أمام عموم الشعب النرويجي بالتناسب مع المخاطر الاستثمارية. إدارة البنك النرويجي لإدارة الاستثمار مسئولة ومحاسبة من قبل وزارة المالية النرويجية والبرلمان النرويجي عن أداء الصندوق السيادي. البنك النرويجي لإدارة الاستثمار مطالب بتقارير دورية للأداء المالي للصندوق بالإضافة إلى التقرير السنوي، بحيث تدقق من قبل شركات متخصصة لها صفة استقلالية عن الحكومة والبرلمان والصندوق السيادي والبنك النرويجي لإدارة الاستثمار. وبالرغم من الخبرة الطويلة للبنك المركزي النرويجي التي تجاوزت 200 عام، حيث تم تأسيسه في 1816م إلا أن البنك النرويجي لإدارة الاستثمار والمنبثق عنه قد تعرض للانتقاد بسبب الخسارة الكبيرة في 2008م جراء إفلاس ليمان برذرز Lehman Brothers وبنك واشنطون Washington Mutual خلال الأزمة المالية العالمية، لكنها في رأيي خسائر عمت معظم دول كثيرة من غير استثناء.
وختاماً، تتميز إدارة الصندوق السيادي النرويجي بشفافية مفرطة ومكشوفة للمنافسين من الصناديق السيادية حول العالم، لكنها مطلوبة من قبل الحكومة ممثلة بوزارة المالية والبرلمان النرويجي.
@dr_abdulwahhab