في التحديات والأزمات لأي صناعة تزيد الحاجة إلى الاتحاد في الرأي والكلمة والعمل الجماعي بين كل أطراف المصلحة. لكن هذه المعادلة لا تنطبق على صناعة الصحافة المحلية، التي تعيش منذ سنوات تحديات مصيرية متزايدة، فالمشرعون لصناعتها وقادة مؤسساتها لم يتعرفوا بعد على خارطة طريق توصلهم إلى طوق النجاة، رغم وجود تجارب عالمية واضحة المعالم وناجحة النتائج.
على مساحة صوتية في تويتر بعنوان «حديث التسويق»، وبحضور عشرات المتخصصين في الإعلام والتسويق والاتصال، حاورت مطلع هذا الشهر رئيس تحرير لإحدى المؤسسات الصحافية الرئيسية في المملكة، بصفتي عضواً في جمعية الاستشارات التسويقي. كان الحديث شيقاً وشجياً في الوقت ذاته، وكشف لي وللمتابعين معلومات وأرقاماً مهمة بعضها يعلن للمرة الأولى ربما، تجدد التأكيد أن جانباً مهماً من أزمة المؤسسات الصحافية هو مأزق تشريعي ومفتاح حله بيد الجهة الحكومية المشرعة للإعلام، فيما تتحمل المؤسسات مسؤولية عدم قدرتها على توحيد مطالبها من المشرع. رئيس التحرير قال إن نسبة الدخل للصحيفة من الإعلان الورقي مازالت تتفوق على الإعلان الرقمي نحو 700 %. في المقابل، فإن سوق الإعلانات الورقية ضئيل جداً مقارنة بسوق الإعلانات الرقمية الضخم، المقدر بنحو 11 مليار ريال، الذي تحتكر 80 % منه شركات التقنية الأمريكية مثل جوجل وتويتر وفيسبوك. أي أن الصحف تتنافس على حصة ضئيلة من الـ20 % المتبقية مع لاعبين أقوى منها في الإعلانات الرقمية كالمشاهير ذوي الحسابات المليونية.
حين سألت لماذا لا نتعلم من تجربة أستراليا وبلجيكا، التي أقرت قوانين تفرض على مؤسسات التقنية الأمريكية دفع مئات الملايين من الدولارات سنوياً للمؤسسات الصحافية المحلية كقيمة لمحتواها الإخباري المتداول على المنصات الرقمية، وفي دول أخرى محاولات لإقرار ضريبة على احتكار سوق الإعلانات الرقمية ومحركات البحث وعلى دخل الشركات الأجنبية الكبرى، أجاب رئيس التحرير عن هذه الأسئلة بأن زملاءه من قادة المؤسسات الصحافية لم يستطيعوا منذ سنوات الاتفاق على رأي واحد ولا مطلب واحد.
woahmed1@