من حسنات «كورونا» إذا كانت لها حسنات أننا نهجنا منهجا في التعليم الإلكتروني عبر المنصات التعليمية، لم تكن الفكرة مطروحة أصلا، نجحنا وزرعنا في طلابنا وطالباتنا أولا الاعتماد على النفس وكسر قاعدة الكرسي والتلقين واليوم الدراسي الممل، التعليم عن بعد أكسب الطلاب مهارات جديدة وشارك العائلة مع أبنائها في البحث والتعليم المستجد، وزارة التعليم طبيعي أنها ستستثمر هذه التجربة حتى وإن زال الوباء وأتوقع السماح بفتح مراكز أهلية للتعليم عن بعد وتكون الاختبارات في المدارس الحكومية، مما يفك الفصول المكتظة والتي تجاوزت الأربعين طالبا! سيفتح قنوات متعددة للتعليم كل حسب ظرفه وإمكاناته، كان توقف أكثر من أربعة ملايين طالب وطالبة ومدرسيهم وإداراتهم حدث لا يمكن استيعابه لولا تضافر الجهود، ومن المحاسن إعطاء الموظفين في القطاعين فرصة للعمل عن بعد وكانت خطوة حررت الموظف من عناء الطريق والبصمة وساعات العمل الطويلة وأثبتت دراسات أن الموظف أنجز خدماته الوظيفية أفضل بكثير من الدوام اليومي والروتين اليومي أمام أعين الرقيب. ومن المحاسن الاجتماعية أوقف الإسراف والتبذير في الأعراس، ووفرت الأسر عشرات الآلاف من الريالات، واقتصر الحضور على أعداد محدودة من أهل العروسين أغلبها في منازلهم بعد أن وصلت الأعراس من ارتباط بين شخصين إلى دمج مدينتين فمنهم من يأتي من الشمال للجنوب ومن الغرب للشرق من أجل حضور زواج في مدينة أخرى وحصدت الحوادث أرواح أسر كاملة وتكلفت أخرى مصاريف لم ينزل الله بها من سلطان ومنها البذخ في الدعوات والتجمعات. ومنها أيضا وقف سرادق العزاء والبذخ الزائد وتحميل ذوي المتوفى مصيبة فوق مصابهم. ومن المحاسن «الجانبية» اعتماد ربات البيوت على ما تطهوه أيديهن ووقف الأكل من وفي المطاعم والبوفيهات. ولرب ضارة نافعة فقد تضافرت الجهود الخدمية بسياسة حكيمة وبقيادة وزارة الصحة التي كان لها الدور الكبير في توعية المجتمع وتثقيفهم واحتواء المصابين وعزل المتضررين وأخيرا توفير اللقاح والتنظيم الرائع لإعطائه للجميع دون استثناء.
وأتوقع أننا ما بعد كورونا لن نعود للمربع الأول تنظيميا وتعليميا واجتماعيا واقتصاديا، فالدروس لا تستوعب بالتنظير والمحاضرات والندوات بقدر ما تفهم بالتجارب والمحن.
نسأل العلي القدير أن يزيل الغمة عن هذه الأمة وعن بلادنا خاصة وسائر بلاد المسلمين.
همسة:
الحياة مدرسة بلا جدران وهي الوحيدة التي تختبرك ثم تعلمك، فثق أن الضربة التي لا تقصم الظهر فهي تقويه، وثق دائما وأبدا بالله فلعل عارض يلم بك هو رحمة مما هو أكبر وأشد وأنكى. والله المستعان..
@sajdi_9