سيد البشر عليه الصلاة والسلام كان نموذجا حيا للتسامح لنتذكر يوم فتح مكة قال عليه الصلاة والسلام لقوم مكة الذين آذوه، وحاربوه، وأخرجوه من داره «اذهبوا فأنت الطلقاء» صفح وتسامح وعفو لم يسبق لها مثيل.
فمن عفا وأصلح فأجره على الله خاصة في هذه العشر المباركة، التي وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم العمل فيها بأنه أفضل من الجهاد في سبيل الله تعالى.
ولم يقيد النبي عليه الصلاة والسلام الأعمال الصالحة في هذه الأيام بعمل معين، وجعل الأمر مطلقا، فالعمل الصالح أنواعه كثيرة، ومنها الصفح والتسامح..
بعضنا قد يتعرض لغدر أو ظلم من قريب أو صديق فيقابل السيئة بسيئة مثلها، ومن المفترض التسامح والعفو «وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا».
وأعظم الصفح عندما يكون عند المقدرة وأيضا أشده على النفس عندما تكون الطعنه من الخلف ومن أقرب الناس، فالخيانة والغدر خناجر مسمومة تدمي القلب.
أعود وأقول القيم الذاتية والخلقية للإنسان السوي والروح الطيبة والنفحة الربانية التي وهبها الله لمن يحب ممن تجردوا من الأحقاد والمشاعر السلبية قادرة على التسامح، الأصل الثابت من أصول الإسلام الحنيف والشريعة السمحاء «فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين».
ولم أكرر دعوتي للصفح والتسامح عبثا فهناك من أعتقد أنهم سيقرؤون مقالي وسيكون بإذن الله له الأثر الإيجابي فيتسامحوا بتوفيق من الله سبحانه.
التسامح لمن يرفض ضرورة لتوثيق الروابط والعرى الاجتماعية، والعلاقات بين الأفراد خاصة من ضعفت ووهنت علاقاتهم نتيجة التراكمات السلبية التي ترك لها الحبل على الغارب فتحولت لجبال هيمالايا من الأحقاد والضغائن.
فلنضرب مثلا، لو كان العكس صحيحا وكان الذي يرفض الصفح والتسامح هو من يطلب الصفح اليوم، حينها كيف سيرتب أفكاره ويعيد حساباته فهو أيضا بشر وعرضة لارتكاب الأخطاء، في حالة كهذه عليه محاسبة نفسه بأمانة وليتذكر عدد المرات التي أساء فيها للآخرين أو ظلمهم فما موقفهم منه اليوم؟!! في المسامحة راحة بال وثقة عالية بالنفس وتقدير عال للذات ورضا وقبول للآخرين، فتأصيل القيم الاجتماعية بين الأفراد ونثر بذور المسامحة ومبدأ الصفح عند المقدرة من أهم عوامل الترابط والتماسك بين أفراد المجتمع، كلنا يعرف إلا قلة وفي الصفح استقرار للحياة وتعايش آمن.
[email protected]