وكان المقام ملاصقًا لجدار الكعبة المشرفة، واستمر كذلك إلى عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، حتى أبعده عن جدار الكعبة الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وكان عبارة عن قبة عالية من الخشب، ثابتة قائمة على أربعة أعمدة دقاق وحجارة، منحوتة بينها أربعة شبابيك من حديد من الجهات الأربع.
اهتمام الخلفاء
وحظي المقام باهتمام الخلفاء والملوك والحكام والأمراء، فكان أول من حلّاه الخليفة المهدي عام 160هـ، عندما بعث بألف دينار لتضبيب المقام بالذهب، وفي عهد أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله عام 236هـ، استخدم الذهب في تزيينه، وجعل ذهبًا فوق الذهب بأحسن منه عملًا، وكذلك في عام 251هـ في خلافة المتوكل أيضًا، وفي عام 256هـ من عامل مكة علي بن الحسن العباسي.
غطاء بلوري
وجُددت قبة المقام عدة مرات، وبقي المقام على هيئته الأخيرة إلى عام 1387هـ، إذ أزيلت في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - المقصورة التي عليه، وجعله في غطاء بلوري، تحقيقًا للقرار الصادر عن رابطة العالم الإسلامي؛ تفاديًا لخطر الزحام أيام موسم الحج، الأمر الذي ينافي سماحة الشريعة الإسلامية ويسرها وعدم تكليفها النفس البشرية أكثر مما في وسعها، وأزاح الملك فيصل الستار عن المقام بغطائه البلوري في حفل بهيج عام 1387هـ.
قاعدة رخامية
وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - رُمّم محل المقام ووُضع هيكل آخر جديد مصنوع من نحاس ذي جودة عالية بدلًا من الهيكل المعدني القديم، كما تم تركيب شبك داخلي مطلي بالذهب، واستخدمت قاعدة أخرى مصنعة من رخام كرارة الأبيض الصافي والمُحلّى بالجرانيت الأخضر ليماثل في الشكل رخام الحجر شكل الغطاء البلوري، بدلًا من كساء القاعدة الخرسانية التي كانت مصنعة من الجرانيت الأسود، وأصبح محل المقام بعد هذه التحسينات انسيابيًا بعد أن كان مضلعًا.