DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الشيخ علي عبدالعزيز الضويان -رحمه الله- سيرة ومسيرة

الشيخ علي عبدالعزيز الضويان -رحمه الله- سيرة ومسيرة
مسيرة عطاء
تمثل سيرة ومسيرة الجد علي عبدالعزيز الضويان رحلة عصامية فريدة يندر أن تتكرر وكفاحاً صعباً للغاية، تحَمل وصَبر وكَافح حتى رزقه الله تعالى من واسع فضله وتَمكن أن يكون واحداً من أهم رجال الأعمال والعقارات ومن أبرز رجال الخير بالمملكة العربية السعودية.
التعب والمآسي والصعاب ليست وحدها أشكال المعاناة التي عاشها الجد علي، بل هي جزء يسير من سيرته ومسيرته. فقد نجح بعد سنوات من الجد والاجتهاد ليكون واحداً من رجال الأعمال السعوديين البارزين ومن وجهاء المجتمع. وحظي بالمحبة والتقدير من مختلف الأوساط الاجتماعية نظير خلقه العالي وتعامله المثالي مع الجميع دون استثناء.
النشأة والبداية
بدأ الجد علي عبدالعزيز الضويان بتحمل المسؤولية من وقت مبكر عندما وجد أهله يعملون ليل نهار حتى يأكلوا ويحصلوا على الريال بشق الأنفس، قام ليعمل مع أهله طوال اليوم من الفجر حتى المغرب براتب ربع ريال. ورغم عمره الذي لم يتجاوز السنوات العشر، إلا أن ذلك لم يمنعه من المغامرة والذهاب إلى منطقة بعيدة في مقاييس ذلك الزمن عن الأهل والأقارب وخوض غمار تجربة طويلة امتدت أكثر من ستين عاماً.
في (أشيقر)، وبالتحديد في عام 1347هـ، وُلد الجد علي عبدالعزيز الضويان صاحب مجموعة الضويان التجارية، وأمام قسوة الحياة وشظف العيش وصعوبة الحصول على الرزق، اتخذ القرار الصعب، وترك مسقط رأسه وهوى قلبه وبحث عن حياة جديدة في منطقة أخرى.
خرج الجد على الضويان من أشيقر لما رأى احتياج والده وإخوانه الجائعين للمال.
خرج فجرا في صبيحة ليلة باردة مسافراً إلى الجبيل وأبوه يلاحقه على الجمل.
استغرقت رحلته إلى الجبيل عشرين يوماً، بدأ منها مسيرته في المنطقة الشرقية التي استغرقت حياته كلها، وهي حياة حافلة مليئة بالإصرار والتحدي والرغبة في النجاح وإثبات الوجود.
في الجبيل، اشتغل جدّي موظفا صغيرا عند عبدالرحمن بن راشد لفترة قصيرة ثم عمل عند عبدالرحمن السحيمي. كسب فيها نتيجة عمله وإخلاصه، وكان يرسل لأهله بأشيقر لسد حاجتهم وتحسين أوضاعهم. تعامل معه السحيمي كأحد أفراد أسرته وأحبه لأمانته واستمرت هذه المحبة حتى يومنا هذا.
وعندما توافر بعض المال في جيب الجد علي الضويان، ذهب لأحد الأشخاص من عائلة الشريم آنذاك وطلب منه أن يعلمه القراءة والكتابة مقابل أن يعطيه مالاً، حيث أدرك الضويان أن الإنسان مهما فعل لن يصبح شيئا بدون علم، ضحك الشريم وقال له سأعلمك بدون فلوس، لكن الضويان أصر على أن يعطيه الفلوس مقابل ما يتعلمه وذلك لإيمانه بحقوق الآخرين والأخذ والعطاء.
ثم بدأت الحرب العالمية الثانية، وانطلق الجد على عبدالعزيز الضويان في تجارة القماش وكان يبيع جزءا من تجارته في القطيف ينقلها على ظهور الحمير وربح وتوسعت أعماله (يوم يربح خمسين روبية ويوم يربح مائة روبية) وكَون رأس مال (ألف روبية). ومن أشهر التجار الذين تعامل معهم هناك إبراهيم البحارنة رحمه الله، ثم انتقل برأس ماله إلى تجارة إستراتيجية يحتاج إليها كل الناس ولا يستغني عنها أحد، وهي تجارة المواد الغذائية. لكنها لم تكن التجارة المناسبة له، وضاقت الجبيل بأحلام الجد علي فآثر أن ينتقل إلى الدمام ومعه ما اكتسبه من خبرات وما اختزنه من تجارب، ليشتري سيارة مستعملة، ويستورد البضائع من هولندا وأمريكا ويرصد أفعال من سبقه من التجار ليقتدي بها، ويكتب إلى الشركات الأجنبية ما يحتاج إليه من بضاعة، ليأتيه الرد بعد شهرين فيفتح اعتماداً في البنك، وعندما تأتي البضاعة يتولى تخليصها وبيعها.
كان الجد علي الضويان رجلاً نصوحا ويفرح إذا ربح الناس ويسعد عندما يسمع أن الآخرين ربحوا من تجارته ومن بضاعته، وكان لا يتردد في مساعدة الآخرين وتقديم الاستشارة والنصيحة لكل التجار والعاملين معه.
زواجه وأبناؤه
في عام 1363 هــ، عاد الجد على الضويان وقام ببناء بيت الطين المعروف حالياً في ساحة أشيقر الكبيرة، وتزوج في أشيقر، وكَون عائلته التي تتكون من ولدين وخمس بنات.
حرصه على التعليم
كان الجد علي الضويان حريصا على التعليم وكان يدعم تعليم الأبناء والأحفاد، ويفرح عند نجاحهم ويزيد من ثقته فيهم. وكان منصتا جيدا ويتسم بالمرونة والتمكين والاستجابة والاستماع لمختلف الآراء وتقبلها.
رحلته في عالم التجارة
في ذلك الوقت كانت الدمام -بما شهدته من تطور- قد بدأت تجتذب كثيراً من البيوت التجارية التي بدأت في الجبيل مثل السعدي والقاضي والسحيمي والمعجل وابن يعيش. وفي عام 1385هـ، بدأ في تجارة العقارات، فقد اشترى أرضا في شارع الظهران وخططها وباعها وكسب -خلال شهرين- 250 ألف ريال، ليكتب الكلمة الأولى في قصة نجاحه ويصبح في فترة الطفرة من أشهر تجار العقار في المنطقة في تلك الفترة.، شهد سوق العقار انتعاشاً كبيراً وتضاعفت أسعاره أضعافاً مضاعفة وأقبل كثيرون على الاقتراض من البنوك وشراء أراض كثيرة والاحتفاظ بها طمعا في ربح أكثر، إلا أنهم خسروا خسارة كبيرة بعد أن انتهت الطفرة وعادت الأسعار إلى سيرتها الأولى، ونجا علي الضويان من هذا المأزق لأنه كان يشتري العقار ويبيعه ولا يحتفظ به لتجنب الانخفاض المفاجئ في الأسعار ولحرصه على سرعة دوران رأس المال في هذا القطاع الذي قد يتعرض لهزات كثيرة وكبوات مفاجئة، ولكنه لا يلبث أن ينهض منها ويعود قوياً منتعشاً كما كان، كما حصل بعد انتهاء حرب الخليج الثانية.
رؤيته لسوق العقار
حتى تتمتع سوق العقار بالاستقرار، كان يرى الجد على الضويان أهمية وجود تنظيمات تحد من ارتفاعات الأسعار غير الواقعية مثل التركيز على تنويع قنوات الاستثمار، وتوفير الخدمات اللازمة لمخططات الأراضي الواقعة ضمن النطاق العمراني وإيجاد نظام للفصل بين الأراضي المعدة للبناء والأخرى المعدة للتجارة والتي لا تحتاج إلى خدمات إلا بعد عدة سنوات. كما أن تقسيم السوق إلى تخصصات يساعد على استقراره ويوفر المصداقية للعاملين فيه.
وكان يرى أن المنطقة الشرقية تمتلك إمكانات طبيعية ساحرة تؤهلها لتلعب دوراً مهما على خارطة السياحة في المملكة وعلى خارطة السياحة العربية، ويرى أن المجمعات التجارية الكبيرة ومن بينها مجمع الحياة بلازا الذي يمتلكه هو نوع من الاستثمار السياحي ومعلم من معالم التطور الحضاري في المنطقة.
تجربة ونصيحة
كان الجد علي قبل وفاته يشعر بالرضا على ما حققه من نجاح خلال رحلته الطويلة في دنيا المال والأعمال، ويحمد الله كلما تذكر البدايات الصعبة وصعوبة الحياة في (أشيقر) وقراره الصعب بترك مسقط رأسه والرحيل إلى الجبيل بعيداً عن الأهل والأقارب والأصدقاء وبدء رحلة التحدي بكل ما فيها من مشقة ومعاناة وإصرار على النجاح. وكان ينصح الشباب بأن يتسلحوا بالخبرة والتخصص وأن يتعلموا من أصحاب التجارب السابقة.
أوقاف الضويان
كان القرار المهم في مسيرة حياته هو تحويل أعماله إلى شركة مساهمة حيث كان حريصاً على وقف أفضل حلال عنده. فكانت الشركة خيارا متزنا، ثم أوقف ثلث أسهمها لذريته ولأعمال الخير لينتفع بأجرها في الدنيا والآخرة،، وقام بتسجيل ثلث الحلال ليكون وقفا له ولعائلته فهو حريص على رفاهية عائلته ورفع اسمها ومكانتها.
واليوم، فإن أوقاف الشيخ علي الضويان -رحمه الله- هي إحدى الأوقاف المانحة في المملكة العربية السعودية التي تؤمن بدورها في خدمة المجتمع السعودي والسعي للمشاركة في تحقيق رؤية المملكة 2030، وتُعنى بتقديم المنح للمشاريع والمبادرات المجتمعية المتركّزة في المجال التعليمي والاجتماعي والتأهيلي.
المتأمل لرحلة علي عبدالعزيز الضويان، يجد خطوطاً عريضة حول سيرته ومسيرته، تحمل بين سطورها وطياتها كمًّا كبيراً من الإنجازات والمهام والأعمال التي لا يمكن لمنصف إنكارها أو حصرها، وتتوالى الأيام لتسجل الإنجاز تلو الإنجاز والعمل المتواصل الذي تعجز الأقلام عن تسطيره.
رحم الله الفقيد الغالي ورفع درجاته في عليين، وجمعنا به في جنات النعيم.