وأوضح فينتلر أن المواد الكيماوية تسببت في بعض الأحيان في تآكل العبوات والحاويات، وبالتالي إلى تسربها، مضيفًا: «إنها وصلت من هناك إلى البحر وتسرّبت بدرجة عالية من اليقين». تجدر الإشارة إلى أن شركة «هوبنر» مسؤولة بالتعاون من جانب شركة «كومبي ليفت» الألمانية لنقل البضائع عبر الشحن البحري عن انتشال 52 حاوية بداخلها مواد كيماوية من مرفأ بيروت والتخلص منها على نحو آمن.
وكلفت هيئة مرفأ بيروت الشركتين الألمانيتين بهذه المهمة عقب الانفجار الذي وقع هناك في أغسطس الماضي، وأودى هذا الانفجار بحياة 190 شخصًا، ويشتبه في أنه نتج عن كميات كبيرة من مادة نترات الأمونيوم الكيماوية شديدة الانفجار، التي خزنت أيضًا في المرفأ لسنوات دون إجراءات أمنية.
تخزين «الموت»
وبحسب فينتلر، فإن بعض الحاويات التي تحتوي على مواد كيماوية كانت موجودة في مرفأ بيروت منذ عشرة أو عشرين عامًا، متحدثًا عن «وضع مروّع» لم يسبق له مثيل في تخزين البضائع الخطرة المميتة.
ولم يتضح بعد من أين أتت هذه المواد ولماذا لم تتم إزالتها.
وقال وزير الأشغال العامة اللبناني ميشال نجار لـ (د.ب.أ): إنه لا توجد إجابة واضحة على ذلك، لأن هذا حدث منذ سنوات عديدة، مضيفًا إن أحد التفسيرات تذهب إلى أن سجل حمولة سفينة ما قد لا يتوافق في بعض الأحيان مع المواد الواردة بالفعل.
وقال فينتلر: إن الأرض بأكملها في منطقة المرفأ ملوثة بدرجة كبيرة ويجب جرفها بعمق يتراوح بين ثلاثة إلى أربعة أمتار.
ويجري شحن النفايات المنتشلة والبضائع الخطرة إلى ألمانيا، للتخلص منها بطريقة آمنة.
وفي 14 يناير الجاري، عممت الشرطة الدولية «الإنتربول» النشرة الحمراء بحق مالك السفينة التي نقلت مئات الأطنان من نيترات الأمونيوم إلى ميناء العاصمة اللبنانية، وقبطانها والتاجر الذي اشترى حمولتها، وذلك بناء على طلب القضاء اللبناني. وأبلغت «الإنتربول»، المحامي العام التمييزي غسان خوري، ردها على طلبه حول مذكرات التوقيف التي أصدرها المحقق العدلي اللبناني بحق مالك السفينة إيغور غريشوسكين، وقبطانها بوريس يوري بروكوشيف، والتاجر البرتغالي الجنسية جورج موريرا الذي اشترى النيترات.
النشرة الحمراء
وعممت الشرطة الدولية «الإنتربول» النشرة الحمراء بحق كل من مالك السفينة التي نقلت مئات الأطنان من نيترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت، وقبطانها والتاجر الذي اشترى حمولتها، حيث كانت سببًا في انفجار 4 أغسطس الماضي، وفق ما أفاد مصدر قضائي لبناني لوكالة «فرانس برس».
وربطت مادة نيترات الأمونيوم بالأسباب المؤدية إلى الانفجار الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، إذ كان في العنبر 12 حوالى 2750 طنًا من المادة الخطيرة، التي خزنت بعد مصادرتها من على متن سفينة «روسوس» التي وصلت إلى مرفأ بيروت في نوفمبر 2013، انطلاقًا من جورجيا وقد كانت في طريقها إلى موزمبيق.
وقانونًا، تعمّم النشرة الحمراء على كل الدول الأعضاء، وتُعدّ طلبًا إلى أجهزة إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم لتحديد مكان المجرم واعتقاله مؤقتًا في انتظار تسليمه أو اتخاذ إجراء قانوني بحقه.
ونقل موقع «الحرة»، عن المحامي اللبناني، طارق شندب: إن النشرة الحمراء تعني توقيف وتسليم الشخص للدولة المطالبة به أينما كان، وفي حال كان في دولته فيجب تقديم الدلائل القانونية على إدانته من قبل الدولة المطالبة به.
وأضاف «إنه في العادة لا تسلم الدول مواطنيها بل تحاكمهم، والأجدر بالدولة اللبنانية أن تقوم بالطلب من الدول استرداد المتهمين أصولًا»، مؤكدًا «أن إصدار النشرة الحمراء هي خطوة مهمة جدًا، وليس إجراء رمزيًا، وهذا يعني أن مذكرات التوقيف عممت بالفعل».
غطاء «حزب الله»
وقبل نحو أسبوع، كشف تحقيق تليفزيوني لقناة «الجديد» اللبنانية، عن تورط رجلي أعمال سوريين مقربين من نظام الأسد في شحنة نترات الأمونيوم، وهما مدلل خوري وجورج حسواني.
وشدد شندب على ضرورة إصدار مذكرات توقيف بحق خوري وحسواني، بالقول: لم يكن ليعملوا في لبنان لولا غطاء من «حزب الله»، وأكد «أن سوريا من الدول الموقّعة وهي إحدى الدول الأعضاء في الإنتربول، وفي فترة من الفترات كان المكتب الإقليمي للإنتربول في دمشق، وهي ملتزمة بالاتفاقات الدولية».
يُذكر أن التحقيقات في ملابسات الانفجار، أظهرت علم بعض الأجهزة الأمنية ومسؤولين سابقين وحاليين من الجمارك وإدارة المرفأ والحكومة، بمخاطر تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في المرفأ، وهذا ما أدى إلى توقيف بعضهم قيد التحقيق.
وبحسب موقع «الحرة»، تؤكد مصادر مطلعة: إن جورج حسواني لديه علاقات وثيقة بضباط كبار في جهاز الأمن العام اللبناني.
وكان تحقيق لموقع «أو سي سي أر بي» الاستقصائي، قد ذكر أن المالك الحقيقي لسفينة «روسوس» ليس غريشوسكين وإنما صاحب أسطول بحري قبرصي يتخفى وراء شركات وهمية ويدعى خرالامبوس مانولي.
ويبدو أن مانولي أجر السفينة عبر شركة مسجلة في بنما لغريشوسكين الذي هجر السفينة في نهاية المطاف مع طاقمها وحمولتها الخطرة.
وكانت حمولة السفينة متوجهة إلى شركة «فابريكا دي إكسبلوسيفوس» في موزمبيق التي تملكها عائلة رجل أعمال برتغالي، وفق التحقيق، وفي 2018 غرقت السفينة قبالة مرفأ بيروت.