DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

«كورونا» تستدعي إعادة النظر بالسياسات الصحية العالمية

التلكؤ في تطويرها يبشر بأسوأ السيناريوهات

«كورونا» تستدعي إعادة النظر بالسياسات الصحية العالمية
«كورونا» تستدعي إعادة النظر بالسياسات الصحية العالمية
طبيبة تقدم المساعدة لأحد المتعافين من فيروس كورونا بمستشفى ألماني (أ ف ب)
«كورونا» تستدعي إعادة النظر بالسياسات الصحية العالمية
طبيبة تقدم المساعدة لأحد المتعافين من فيروس كورونا بمستشفى ألماني (أ ف ب)
سلطت مجلة «فورين أفيرز» الأمريكية، الضوء على التحدي الذي فرضته جائحة «كورونا» على السياسات الصحية في العالم.
وبحسب مقال «جينيفر نوزو»، الأستاذ المساعد في قسم الصحة البيئية والهندسة وقسم علم الأوبئة في كلية جونز هوبكنز بلومبرغ للصحة العامة، فإن جائحة كورونا تعد أزمة صحية لا تحدث سوى مرة واحدة كل قرن، بحسب تعبير المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس.
وأضافت: كانت آخر أزمة صحة عامة تسبب مثل هذا الدمار هي جائحة الأنفلونزا الإسبانية التي بدأت 1918، التي أصابت ثلث سكان العالم وقتلت 50 مليون شخص على الأقل، واستبعدت الكاتبة أن تكون الجائحة الحالية آخر جائحة يواجهها العالم هذا القرن، وربما ليست الأسوأ، وذلك لأن الأوضاع العالمية باتت مواتية بصورة متزايدة للانتشار الفيروسي.
ضرب العالم
وأوضحت الكاتبة نوزو، أن فيروس كورونا المستجد ضرب عالما لم يكن مهيئا له، بسبب غياب القدرة على منع انتشار الفيروس عبر إجراءات استهدافية، وأردفت: لم تجد الدول خيارات سوى إغلاق اقتصاداتها وتوجيه الناس بالبقاء في المنزل، مشيرة إلى أن هذه السياسات تسببت في إبطاء ارتفاع الحالات في أواخر الربيع الماضي.
ومضت تقول: لكن مع دخول فصل الخريف، واجهت الحكومات ضغوطا لتخفيف تلك القيود، لتعاود الحالات الارتفاع مرة أخرى.
وتابعت: في أوائل نوفمبر الماضي، كان هناك أكثـر من 48 مليون شخص حول العالم قد أصيبوا بالفيروس، بينما توفي 1.2 مليون شخص آخرين جراء الإصابة به، وأضافت: ستبقى الآثار الاقتصادية والمجتمعية للجائحة لعقود، ومن المتوقع تراجع الإنتاجية على مستوى العالم بنسبة 5 % في 2020.
وأشارت إلى تحذير البنك الدولي من أن حوالي 150 مليون شخص سيدخلون في صفوف الفقر المدقع نتيجة للجائحة.
وبحسب الكاتبة، فإن هذه الحصيلة الهائلة تكشف القصور الشديد في الأنظمة العالمية المعنية بالحماية من الجائحات.
ومضت تقول: في حالات الأوبئة التي يكون فيها انتشار المرض محدودا من الناحية الجغرافية، تستطيع الدول غير المتضررة مساعدة الدول المتضررة، مستدركة: لكن في حالة الجائحة الحالية، أصيب الجميع مرة واحدة، ما يعني وجود طلب أعلى بكثير على الموارد المحدودة لمنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي والمنظمات الدولية الأخرى، بما يعني أنه يتعين على الدول الاعتماد على نفسها لوقف الانتشار.
ممرضة تحصل على مسحة من إحدى السيدات في الولايات المتحدة (أ ب)

تجاوز الأزمة
وأضافت: تحتاج الولايات المتحدة والدول الأخرى لتجاوز الأزمة الحالية والتركيـز على الاستعداد للأزمة المقبلة، ولن يكون ذلك إلا بتغيير جذري في الطريقة التي تفكر بها الدول في أمن الصحة العالمية، ومنح منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الدولية الأخرى الموارد اللازمة؛ لتحديد التهديدات الصاعدة ومساعدة الدول على احتوائها، وإبرام اتفاقيات لمشاركة البيانات وإجراء تجارب مشتركة.
وتابعت: تكون الفيروسات التنفسية مهيأة للانتقال على نطاق واسع، والأسوأ أنها تسبب في كثير من الأحيان أعراضا متشابهة مع أمراض شائعة أخرى، ما يخلق صعوبة في تحديد المصابين، إضافة إلى قدرتها على التسبب بأمراض خطيرة والوفاة في نسبة مرتفعة من الحالات.
ولفتت إلى ما لم يتم الاحتواء السريع لأي مسبب لمرض مع بدء الانتشار محليا، يمكن أن ينتشر عالميا بسهولة في ظل السفر الدولي والنزوح الجماعي والهجرة والتوسع الحضري.
وأردفت: في أبريل 2009، انتشرت إنفلونزا إتش 1 إن 1، ثم ظهر فيروس كورونا المميت الذي يسبب متلازمة الشرق الأوسط التنفسية. كما حدثت أكبر جائحتي إيبولا، وانتشر فيروس زيكا عالميا، وسيكون هناك المزيد.
تعديات الإنسان
وبحسب الكاتبة، نشأت معظم هذه المسببات المرضية في الحياة البرية وانتقلت إلى البشر، في انتشار تؤججه العولمة وتعديات الإنسان المتزايدة على الطبيعة، ومضت قائلة: بموجب اللوائح الصحية العالمية، التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية لأول مرة في 1969 وعززتها بعد جائحة سارس في 2003، يجب أن تطور الحكومات القدرة على مواجهة حالات الأوبئة التي لديها القدرة على الانتشار واسع النطاق.
وأردفت: إذا استطاعت الحكومات الوطنية اكتشاف وإخطار منظمة الصحة العالمية بحالات التفشي الكبرى في وقت مبكر، ستملك بقية دول العالم فرصة لمنعها من التزايد.
وأشارت إلى أن الكثير من الدول فشلت في الوفاء بالتزاماتها بموجب اللوائح الصحية العالمية.
ومضت بالقول: خلال جائحة إيبولا في غرب أفريقيا في 2013، سمح التأخير في اكتشاف التفشي في غينيا للمرض بالانتشار إلى ليبيريا ونيجيريا وسيراليون، وجرى احتواء الجائحة في النهاية فقط بعد أن أرسلت الحكومات الأجنبية والمنظمات الدولية طواقم للمساعدة.
وأضافت: في أعقاب تلك الواقعة، طورت منظمة الصحة العالمية عملية تطوعية للتقييم الخارجي، وفتحت أكثر من 100 دولة أبوابها أمام التفتيش، على الرغم من وجود بعض الاستثناءات البارزة تمثلت في الصين والهند وروسيا، إلى جانب معظم غرب أوروبا وكل أمريكا اللاتينية. وعلى الرغم من ذلك، اتخذ القليل من الدول فقط خطوات لمعالجة الفجوات الموجودة.
فريق طبي بأحد المستشفيات الأوروبية يتعامل مع حالة إصابة بالفيروس (أ ف ب)

تغير موقف
وأشارت الكاتبة إلى التشكيك في حكم منظمة الصحة العالمية عندما بدأ فيروس كورونا المستجد في الانتشار بمدينة ووهان الصينية في ديسمبر 2019، وأضافت: في اجتماعات يومي 22 و23 يناير، رفضت المنظمة إعلان حالة الطوارئ، مدعيةً عدم وجود بيانات كافية من الصين، قبل أن تغير موقفها بعدها بأسبوع، ما أثار القلق من أن منظمة الصحة العالمية تسمح لبكين بالتأثير على ما يفترض أنها عملية مستقلة يحركها العلم.
ولفتت إلى أن اللوائح الصحية العالمية محدودة؛ بسبب افتقارها للفاعلية، حيث تمنح اللوائح منظمة الصحة العالمية السلطة للتوصية بقيود السفر والتجارة الضرورية، لكن الحكومات تفعل ما يحلو لها في أكثر الأحيان.
ومضت تقول: عندما ظهر الفيروس لأول مرة، لم توص منظمة الصحة العالمية بقيود السفر؛ ما أثار الجدل بشكل كبير، غير أن منظمة الصحة العالمية كانت تحاول أن تضع في حسبانها أن هذه القيود قد تجعل الدول غير راغبة في الإبلاغ عن حالات التفشي، ولفتت إلى أن هذا يقوض أكبر نقطة قوة للوائح الصحية العالمية، وهي الكشف المبكر.
وتابعت: ينبغي مكافأة الدول التي توفي بالتزامها في التبليغ المبكر عن التفشي بالمساعدة وأولوية الحصول على الموارد، إلا أن اللوائح الصحية العالمية لا تقدم هذا الحافز.
ونوهت بأن أوجه القصور التي كشف عنها فيروس «كورونا» المستجد أدت إلى دعوات متجددة لتعزيز اللوائح الصحية العالمية.
لكن الكاتبة اعتبرت أن تحديث اللوائح الصحية العالمية لن يكون سهلًا، موضحة أن آخر إصلاح كبير تم فقط استجابة لصدمة سارس.
لوائح أقوى
وأضافت الكاتبة: في أعقاب قرار إدارة ترامب بانسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية، ربما تقرر الدول أن الأمر لا يستحق التفاوض على لوائح أقوى.
ومضت تقول: المشكلة أن جهود تحفيز اتخاذ الإجراءات قد باءت بالفشل إلى حد كبير، وربما فاجأ الفيروس القادة السياسيين، وتابعت: على الرغم من هذه التحذيرات المسبقة، تلكأت الحكومات في التعامل مع «كورونا»، حيث حظر الكثير من الدول الرحلات القادمة من الصين أو أغلقت حدودها، لكن بعد فوات الأوان بعد أن انتشر لفيروس عبر القارات، وانتظرت الحكومات لأسابيع قبل أن تفرض عمليات الإغلاق، في تأخير منح الفيروس الوقت اللازم كي يتفشى.
وأضافت: كان جزء من المشكلة أن منظمة الصحة العالمية رفضت وصف «كورونا» بالجائحة. وبهذا الرفض، فوتت المنظمة الفرصة لتثقيف العامة عن أن مصطلح «جائحة» يشير إلى الانتشار الجغرافي للمرض، وليس إلى حدته. وفوّتت فرصة لتحفيز الحكومات على اتخاذ إجراء استباقي.
وبحسب الكاتبة، في الوقت الذي بدأت فيه الدول فهم خطورة الجائحة، وجدت أن أنظمة الرعاية الصحية غير الملائمة تعرقلهم، وعلى الرغم من أن المستشفيات والعيادات تلعب دورا محوريا في تخفيف أو تضخيم الخسائر في حالات الطوارئ الصحية، منحتها الحكومات القليل من الاهتمام.
وأوضحت أن قائمة القدرات الأساسية اللازمة لمحاربة تفشي الأمراض المعدية، التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية، استبعدت الأدوات اللازمة للتعامل مع الأمراض التنفسية الخطيرة.
السلاسل الهشة
ونوهت بأن فيروس «كورونا» المستجد أثبت هشاشة سلاسل الإمداد العالمية والتوزيع غير المتكافئ للمستلزمات الطبية حول العالم، حيث عانت الدول ذات الدخل المنخفض من نقص حاد في الأقنعة وأجهزة التنفس والقفازات والسترات الواقية وغيرها.
وتابعت: كما كشف الفيروس عن أوجه قصور الجهود القائمة لرصد تهديدات الجائحة، حيث كان واضحا من البداية عدم وجود مصدر رسمي واحد لتعقب انتشار المرض في الزمن الحقيقي، مشيرة إلى أن أحد العيوب الأساسية لجهود الرصد هي أنها تعتمد على التقارير التطوعية من الحكومات، وعندما ظهر «كورونا» المستجد في ووهان، أخرت الحكومة الصينية مشاركة المعلومات حول عدد الحالات وسهولة الانتقال، وهو قرار حد من فهم بقية العالم لمسبب المرض الجديد.
وأضافت: ينبغي أن تتعهد الحكومات أيضا بمشاركة عينات من مسببات الأمراض الناشئة، رغم أن الباحثين الصينيين شاركوا بيانات التسلسل الجيني المبكرة من المرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد، إلا أنهم احتجزوا عينات الفيروس، وأشارت إلى أن عزوفهم كان مثيرا للمشكلات، لأن العلماء يحتاجون عينات حقيقية من الفيروس لتطوير اللقاحات والأدوية واختبارات التشخيص.
ومضت تقول: تحتاج الجائحات العالمية إلى استجابات عالمية، وفي حالة «كورونا»، حققت التجارب الدولية الأكبر للأدوية واللقاحات نتائج أفضل بكثير من التجارب الأحادية الصغيرة، وشددت على أن أحد أكبر التحديات للتأهب للجائحة هو التمويل.
آليات جديدة
وأشارت الأستاذ المساعد إلى أن ما يزيد الأمر سوءا هو أن الخسائر الاقتصادية للجائحة الحالية ستقلص الميزانيات، ولهذا السبب هناك حاجة ماسة لآليات تمويل جديدة.
ولفتت إلى أن أحد الخيارات هو إنشاء صندوق لتحديات أمن الصحة العالمية، والذي يتفق المانحون من خلاله على مساعدة الدول ذات الدخل المنخفض للاستعداد، وأضافت: إحدى الأفكار الأخرى هي أن يشجع البنك الدولي الدول الأكثر فقرًا على استخدام المنح والقروض لسداد تكاليف الاستعداد للجائحة.
وحذرت من أنه برغم صعوبة تفشي «كورونا» المستجد، توجد سيناريوهات أسوأ، حيث إن التقدم العلمي اللازم لتطوير علاجات ولقاحات جديدة يثير إمكانية نشر مسبب مرض جديد مميت بطريقة عرضية أو متعمدة، وربما يكون مسبب المرض الجديد أكثر حدة من الأمراض المعروفة ومقاوما للطرق التقليدية للتشخيص والعلاج.
ولفتت إلى أنه في حالة النشر المتعمد ستكون هناك صعوبة في تعاون أجهزة الأمن والمخابرات أو حتى في تشارك المعلومات حول طبيعة مسبب المرض، ما يزيد من صعوبة تقييم المخاطر ووضع خطط للمواجهة مبنية على الأدلة.
وأردفت: رغم أن اختصاصات منظمة الصحة العالمية تشمل قيادة التعامل العالمي مع الجائحات ذات المنشأ الطبيعي، فإن الأمين العام للأمم المتحدة هو المنوط بالتحقيق في الهجمات البيولوجية التي ترعاها الدول، وليس من الواضح أي منظمة ستكون مسئولة عن البحث في حدث لم يكن طبيعيا أو من فعل دولة.
ودعت الكاتبة في الختام الحكومات إلى وضع معايير وإجراءات سلامة لحماية الأبحاث البيولوجية ووضع خطط لكيفية التعامل في حالة فشل تلك الجهود.