كثيرا ما نرى عبارة (اترك المكان كما تحب أن تراه) في دورات المياه أو الحدائق، ولكن للأسف نرى زيادة في إهمال أو تشويه المكان، وكأن العبارة لا تعني شخصه، فلا تجد أي استجابة تطبيقية لما حوت عليه من تذكير، وهذا يرجع إلى أحد أمرين: الأول: انفصال الأخلاق عن السلوك، الثاني: إهمال العناية بالبيئة، وهذه تسمى (أنانية) حيث يهتم الإنسان ببيئته الخاصة، ويهمل البيئة العامة.
الشعب الياباني يثبت من حين إلى آخر، بأن سر نجاحه هو ممارسته للقيم والتمسك بالأخلاق، ولا سيما القيم التي تعزز انتماءه وولاءه للوطن والبيئة، فكثيرا ما نشاهد الجمهور الياباني ينظف المدرجات بعد أي مباراة، بغض النظر عن فوزه أو خسارته، إذ أن تلك القيمة ليست مرتبطة بلحظات الفرح والانتصار فحسب، وإلا لكانت تلك القيمة مشروطة، لكنه مبدأ التزم به المواطن الياباني في كلتا الحالتين، بل امتد ذلك السلوك إلى قيامه بتنظيف غرفة الملابس الداخلية، التي غالبا ما تكون بعيدة عن كاميرات الإعلام، وهذا يعكس مدى التزامهم بتلك الأخلاقيات.
سؤال يطرح نفسه: لماذا ننسى التطبيق العملي للأخلاق أثناء تنزهنا، ونذكرها جيدا أثناء حديثنا؟ ألسنا نردد دائما بأن الأخلاق تشمل النظافة والتواصل والاعتذار والاحترام، فلماذا نتهاون في تطبيقها في حياتنا رغم معرفتنا لأدق تفاصيلها؟. دائما ما نردد أن اليابان دولة نموذجية في التفاني في العمل والإنتاج، لكن لم نحاول معرفة السبب وراء ذلك، إنها القيم والأخلاق التي تدفع المواطن للظهور بأفضل صورة وأجمل نموذج لبلده.
الحكومة اليابانية قرأت وتنبأت بآثار الانفتاح الثقافي والاجتماعي والتكنولوجي فخشيت أن يتأثر أطفالها وطلابها ولا سيما في المراحل الأولى ببعض السلوكيات السلبية، فقررت إصدار وثيقة تتضمن تعليم الأطفال أدق التفاصيل الأخلاقية التي ترتبط بحياتهم اليومية كإلقاء التحية، واختيار الكلمات حسب عمر الشخص المخاطب، وغيرها.
أخيرا: متى نرى كشتاتنا المحلية تطبق النموذج الياباني؟.
[email protected]