ومن الأهمية التحري عن جودة المعلومات لأن مصادرها قد توجهها بطريقة مضللة لتخدمها على حساب المستثمر. ومن الأهمية أيضا الحصول على المعلومات من عدة مصادر وتقييمها للمفاضلة بينها من حيث الصحة والمصداقية والحيادية، وكذلك الغرض منها للحصول على أفضلها، ففي الدول المتقدمة تقوم الجهات الحكومية والخاصة بتوفير المعلومات العالية الجودة للمستثمرين لأنها تعلم مدى أهمية مصداقيتها وصحتها في صناعة القرار السليم، ناهيك عن النواحي القانونية والأخلاقية التي تفرض عليها الصدق والحيادية في توفيرها للمعلومة. أما في الدول النامية فإننا نرى بعض الجهات الحكومية تشوه المعلومات لخدمة الجهة التي توفرها أو بتوجيه سياسي من جهة معينة لخدمة نخبة معينة من السياسيين على حساب الاقتصاد الذي بدوره يضعف القرار السياسي فيما بعد عندما يخسر المستثمرون أموالهم بسبب ضعف المعلومة وعدم صحتها.
والمثير للسخرية أنه لا تتوفر ضوابط كافية ورادعة وجادة للحد من المخالفات غير القانونية وغير الأخلاقية لمعاقبة المخالفين الذين يقومون عمدا بتسريب معلومات مضللة للمستثمرين سواء في سوق المال أو غيره من منافذ الاستثمار، كذلك لا توجد ضوابط فاعلة لمنع تسريب المعلومات سواء كانت مضللة أو غير مضللة من الشركات إلى السوق قبل الموعد المنصوص عليه في اللوائح التي وضعتها الهيئة المعنية بتنظيم وحوكمة سوق المال.
وقد تتوفر ضوابط رادعة تحد من تضليل المعلومة، لكنها غير عادلة في التطبيق في حالات كثيرة ما يجعل الذين يضللون المعلومات يرونها ضعيفة من حيث المصداقية، وبالتالي يقللون من جديتها ويستمرون في تضليلهم للمستثمرين. ونرى في بعض أسواق الأسهم على سبيل المثال ارتفاع سعر سهم معين من غير مبررات ثم هبوطه بسرعة بعد وصول المعلومة إلى عامة المستثمرين، وهذا يعود إلى أن المعلومة وصلت لنخبة من المضاربين وغيرهم قبل وصولها لعامة المستثمرين في السوق ما جعلهم يستفيدون من تسريب الخبر المربح قبل غيرهم. هذه السلوكيات غير قانونية وغير أخلاقية لأنها احتكرت الخبر والمعلومة قبل انتشارها بوقت كاف ليصرف المضارب أسهمه بسعر عال على الذين لم يصلهم الخبر أو المعلومة قبلها بوقت كاف.
@dr_abdulwahhab