أنا أتفق مع ما ذكره الضيف بأن سوق العمل السعودي يعتبر أكبر محطة للتدريب في العالم، ولو كانت هناك مؤشرات عالمية لأكثر أسواق العمل تدريباً للغير فسنتصدرها بلا شك، ولكن الضيف ذكر كلاماً خطيراً في مثاله بما يتعلق باستقدام وافدين في مهن ومجالات حساسة كالطب!، ولذلك ومن وجهة نظري الشخصية أرى أن أحد أهم التوجهات التي ينبغي العمل عليها وبشكل عاجل «التفعيل الأكبر للملحقيات العمالية» و«إلغاء جميع ما يندرج تحت علاقة الكفيل بالمكفول وتحويلها لعلاقة تعاقدية فقط»، وهذا ما لمسناه خلال الفترة الماضية من خلال التحرك في البدء بعمل الملحقيات العمالية التي تم اعتمادها بالإضافة للإعلان عن تطبيق مبادرة «تحسين العلاقة التعاقدية».
أعتقد أن الضيف خانه التعبير في عدم اتفاقه مع تطبيق مبادرة «تحسين العلاقة التعاقدية»، ووصفه بأن المبادرة سيكون لها أثر سلبي، والدليل على ذلك المثال الذي ذكره وشرحه بشكل مبسط والذي يؤكد بأننا في أمس الحاجة لتطبيق إصلاحات جذرية كبيرة في سوق العمل وبشكل عاجل، حتى لا يكون مركزاً لتدريب الغير، وحتى ينتقل بشكل تدريجي ليكون مركزاً مهماً لاستقطاب المواهب والكفاءات العالمية كما هو مستهدف في البعد السادس من وثيقة التحول الوطني، مما يعزز من تحسين التصنيف الدولي للمملكة في استقطاب المواهب العالمية.
ما نراه اليوم في سوق العمل ليس بالجديد أو المفاجئ، وكل ما يتم الإعلان عنه بالوقت الحالي سبق وتم توضيحه في وثيقة التحول الوطني منذ الإعلان عنها قبل عدة سنوات، ونجد أن الهدف الرئيس من كل تلك الإصلاحات هو نقل سوق العمل نوعياً من سوق أدمن على العمالة الوافدة والتي لا تمتلك أي خبرات حقيقية في تخصصاتها أو تمتلك مؤهلات مزورة، إلى سوق عمل يتميز بوجود تراكم معرفي من خلاله يمكن نقل الخبرات بشكل أكثر مرونة للأيدي العاملة السعودية، والسنوات الماضية أثبتت أننا استقدمنا عمالة وافدة بشكل عشوائي بلا خبرات في تخصصات حساسة مثل التخصصات الهندسية والصحية وأدى ذلك إلى وقوع أخطاء كارثية، وبنفس الوقت كان هناك استقدام عشوائي لعمالة غير ماهرة في تخصصات مختلفة مما أدى إلى ولادة تستر وتكتل في أنشطة ليس من السهل توطينها، وبسبب ذلك ظلمنا أنفسنا في التركيز على التطور التكنولوجي واستخدام الأتمتة.
من المهم أن يكون هناك تحليل للتخصصات والخبرات التي يُفضل القطاع الخاص استقدامها، والعمل على مقارنة مخرجات التعليم في المملكة مع نتائج هذا التحليل حتى تتضح البدائل، ومن وجهة نظري الشخصية سنجد أن إحدى التوصيات تتركز في دعم مراكز التدريب للمنشآت الكبيرة والعملاقة حتى يتم تحويل مسار ثروتنا البشرية في التخصصات التي تشبع منها السوق أو غير مرغوب فيها بالوقت الحالي، وحسب إطلاعي على سوق العمل ونشرات سوق العمل ما زلت أرى أن هناك خللًا في تركيبة العمالة لدينا وتقسيمها، ولكن المؤشرات الحالية تبشر بتحول كبير في القريب العاجل.
ختاما.. حتى لا نكون مركزًا لتدريب الغير بأموالنا، علينا التركيز على تحويل سوق العمل السعودي لمركز للكفاءات إقليميًا؛ مما يساهم ذلك في تطوير التراكم المعرفي للثروة البشرية المحلية وبشكل أسرع مما نتوقع.
Khaled_Bn_Moh @