الصداقة من أجمل السمات الإنسانية التي لا يحلو العيش إلا بها فأصدقاؤنا هم المتنفس الذي نذهب إليه إذا ما اشتدت علينا مصاعب الحياة لنجد بقربهم الراحة والنصيحة ومشاركة الهموم والأحزان، فالجليس الصالح نعمة لا تقدر بثمن فمحروم ذلك الذي لا يملك أصدقاء، فلا يستطيع الإنسان العيش بمفرده فوجودهم يحد من الشعور بالوحدة، حيث يتبادلون التجارب ويعيشون بعض المواقف الخاصة بحياتهم التي تكسبهم بعض الخبرات، ومن أصعب الأمور انتقاء الأصدقاء فمهما حاولت أن تكون فطنا إلا أنك تكتشف بعد أيام أو سنوات أن بعض اختياراتك لم تكن صحيحة.
وهناك صداقات تترك أثرا كبيرا في النفس مثل أصدقاء بداية العمر تجد نفسك من غير أن تشعر تحن للقائهم لتسترجع شريط الذكريات، وتبقى المواقف عالقة في الأذهان بكل تفاصيلها وبشقاوتها البريئة رغم مرور السنوات، فأصدقاء الطفولة لا يعوضون والقليل من يحافظون عليها، بعد ما فرقتهم الأيام وأخذتهم مشاغل الحياة وأبعدتهم الارتباطات، فمنذ أيام التقيت بأصدقاء لم أرهم من 25 سنة، فهؤلاء جمعتني بهم بداية الصداقات، تلك البدايات التي لا تبنى على المصالح فالقلوب نقية لا تعرف الكراهية، حتى الخلافات تبدأ وتنتهي في وقتها، جمعتنا رحلات ومعسكرات عندما كنا صغارا مع فئة الناشئين بنادي هجر، بيننا علاقة قوية قائمة على الحب والصدق والثقة ولهذا دامت بقوتها بالرغم من السنين التي مضت، فبداية الصداقات هي التي لا تنتهي أبدا تبقى بداخلك إلى الأبد تضيئ حياتك كشعاع الشمس وفرحة بداخلك لا تنطفي، فمهما أشغلتنا الحياة وتعاظمت المسؤوليات فلا ننسى أصدقاء الطفولة، فكم هي جميلة محطات العمر والأجمل من ذلك عندما تلتقي بمن عشت معهم أجمل ذكرياتك وأحلى المواقف، فالصداقة ليست مجرد لقاء جسدي وإنما تواصل روحي والتقاء القلوب ببعضها، صحيح كلنا لدينا معارف كثيرة ولكن عندما تريد أن تسمي صديقا منهم فإنك تحتار في الاختيار لأن مواصفاته تختلف عن الاقرباء والزملاء لأن له معنى عميقا لا يتساوى مع أي شخصية أخرى، وكما قيل «ثمار الأرض تجنى كل موسم لكن الصداقة تجنى كل لحظة» والصديق الحقيقي هو الذي يدخل عندما يخرج بقية العالم.
وأخيرا... إن المواقف والذكريات التي تمر في حياتنا تظل عالقة في الأذهان فاختر لنفسك الأصدقاء الذين تكمل معهم مشوار حياتك بكل ثقة بعيدا عن المصالحة، وحينها تدرك أنه المكسب الحقيقي الذي حصلت عليه من الدنيا، وهو من يدفعك إلى الأمام.
@alzebdah1