اليوم هناك تلويح من الأمريكان باستخدام الدولار في الحرب الاقتصادية القادمة، فهل تستبدل الصين العملة الأمريكية بالعملة الصينية «الرقمية» وتنجح في مسيرتها الاقتصادية؟! هناك توقعات لهذا التنين بأن يلتهم العالم وهو يحتاج لوقت فقط، فالصين ما زالت تفاجئنا على أي حال، ولكن تبقى أمريكا هي أمريكا، فلا يزال الاقتصاد الصيني اقتصادا واعدا وتحت أمرة الضغوط الأمريكية باقتصادها المتقدم وسوقها الكبيرة.
يمكننا أن نفهم ذلك بوضوح من خلال الحرب القائمة بين شركة أبل الأمريكية وشركة هواوي الصينية، فالشركتان العملاقتان اليوم هما أكبر شركتي إنتاج هواتف محمولة مع الشركة الكورية «سامسونج».
خاضت هواوي حربا شرسة من قبل قيود وضعتها الإدارة الأمريكية كادت تفتك بها ولعل أهمها القيود الملزمة، التي جعلت شركة جوجل تسحب شراكتها معها مما أفقدها قوتها، لذا اعتمدت الشركة الصينية على سوقها المحلية، التي يبدو أنها كانت كافية لحد ما لتقف على قدميها من جديد.
مما حدا بالإدارة الأمريكية قبل أيام فرضها المزيد من القيود منعت بموجبها الموردين من بيع الرقائق المصنوعة باستخدام تكنولوجيا أمريكية لهواوي دون ترخيص خاص، وهو ما أدى إلى إغلاق ثغرات محتملة في عقوبات مايو السابقة، التي ربما سمحت لهواوي بالحصول على هذه التكنولوجيا عبر أطراف ثالثة، والوقوف على قدميها من جديد.
الحرب على شركة هواوي الصينية كبيرة جدا، فلو كان الأمر مجرد حرب تنافسية بين شركتين لكان الأمر أكثر سهولة، بيد أن القيود على الشركة ومن ثم القيود على الاقتصاد الصيني من جهة أخرى يجعل الأمر في غاية الصعوبة، إذ تتهم الشركة الوطنية بأنها تمارس عمليات التجسس لصالح حكومة الصين، لذا فإنها تحارب بهذه الشراسة، وإذ يبدو لنا الأمر صعبا وشاقا حتى تفاجئنا الصين وشركاتها بالنجاح من جديد، فالضربات الأمريكية تقويها، فلم تقتلها للآن.
الضربة الأخيرة وهي منع توريد الرقائق الأمريكية يدخل الشركة العملاقة في خندق مختلف كليا، فإذا لم تتمكن هواوي من إيجاد مصدر للحصول على الرقائق نتيجة تلك القيود المشددة يتوقع لها أن تتوقف أنشطتها، ولكنها لا تستسلم بسهولة. فهل تعمد إلى صناعة مواردها بنفسها؟ أو تلجأ لأطراف أخرى؟ أو للسوق الأوروبية كالألمانية مثلا؟ أو تترك الساحة لشركات صينية؟ ستفاجئنا هواوي كعادتها.
وفي الوقت الذي تنشغل فيه هواوي الصينية بحربها وخسائرها في أسواق غربية ومحلية، تجد أبل نفسها تتربع على عرش الهواتف والتقنيات الرقمية، هذا الأمر جعل منها أول شركة أمريكية تصل قيمتها السوقية إلى أكثر من اثنين ترليون دولار، بما يفوق ميزانيات عشرات الدول.
ولكن هذا ليس كل شيء، هناك جولات قادمة، فالحرب الصينية لم تنته بعد، فقد تستعيد وظائفها الأساسية من جديد، وبالتالي تكون أكثر قدرة على المنافسة عالميا، كما أن خطر سامسونج الكورية أكبر.
حين دخلت من خلال برنامج «تويتر» لمتابعة الأحداث الأمريكية، وجدت غالبية الأمريكان يدونون تغريداتهم في هذا البرنامج من هواتف تعمل بنظام «أندرويد» نظام التشغيل، الذي تستخدمه هواوي وسامسونج، وليس آيفون وهو أمر أدهشني حقا. وهذا ما أكدته تقارير اقتصادية حديثة بأن سامسونج الكورية تستحوذ بنسبة 25% من السوق الأمريكية، بالذات بتوفيرها هواتف 5G، التي سبقت بها الجميع، بل إنها متقدمة في حصتها العالمية في بيع الهواتف لهذا العام.
@hana_maki00