[email protected]
ظهرت الأساطير في العصور القديمة كنوع من المعالجة للظواهر الكونية في ظل غياب التفسير العلمي، ونتيجة للأحلام والتطلعات البشرية في تلك الفترة الزمنية تم نسج الكثير من القصص الأسطورية كخاتم الإخفاء وبساط الريح وحجر الفلاسفة، ومع ظهور الخيال العلمي في القرن التاسع عشر الميلادي قام كتّاب الخيال العلمي بمعالجة الخيال الأسطوري بالعلم، وذلك بربط الخيال بالبحث العلمي والقوانين العلمية المنطقية باعتبار إمكانية حدوث هذا الخيال في المستقبل من خلال التقدم العلمي، وهذه النقطة هي الفارق الجوهري بينهما، وعلى الرغم من ذلك فقد ظلت الأساطير تلهم كتّاب الخيال العلمي في تصوراتهم المستقبلية.
فأسطورة خاتم الإخفاء تعود جذورها إلى القرن الرابع قبل الميلاد، ذكرها الفيلسوف اليوناني أفلاطون في تحفته الفلسفية الجمهورية بأسطورة (خاتم جيجس) والذي من يلبسه يختفي ولا يراه أحد! فقد تحول جيجس بعد امتلاكه لهذا الخاتم السحري من رجل بسيط وفقير يرعى الغنم إلى حاكم ليديا بعد أن قتل ملكها! وكان الهدف من هذه القصة الأسطورية أن الإنسان لا يستطيع مقاومة شهوات نفسه إذا استطاع الاحتجاب عن الرؤية! وقد استخدم كاتب الخيال العلمي الشهير إتش جي ويلز الثيمة نفسها التي استخدمها أفلاطون وشكلت محورا هاما في روايته الرائعة (الرجل غير المرئي) المنشورة عام 1897م، وعلى الرغم من وحدة الهدف لهما إلا أنهما يختلفان في طريقة الإخفاء، فجيجس اختفى عندما قام بلبس الخاتم وغريفين الذي تناوله ويلز اختفى بطرق علمية خيالية لكنها تتسق مع قوانين الفيزياء وذلك من خلال التلاعب بانعكاس وانكسار الضوء، وكما هو معروف علميا أن الضوء هو السبب الرئيس لرؤيتنا للأجسام، وقد فتحت رواية ويلز الباب للعلماء في تطوير مواد خارقة تتحكم في سلوك الضوء! وبالانتقال إلى أسطورة بساط الريح التي ذكرت ضمن حكايات ألف ليلة وليلة، نلاحظ أن هذه الأسطورة أصبحت واقعا بعد تصنيع الطائرة قبل مئة عام وما زال العلماء يواصلون أبحاثهم في مجال الموصلات الفائقة للحصول على بساط الريح! كذلك تسمح لنا تقنية النانو بالحصول على الألماس من الفحم محققين بذلك أسطورة حجر الفلاسفة! وعلى هذا فإن العديد من الأساطير أصبحت واقعا وشكلت هذه الأساطير أرضا خصبة لكتّاب الخيال العلمي في توقعاتهم المستقبلية.
[email protected]
[email protected]