قال: أريد مثلا آخر لأفهم المسألة أكثر، قلت: طالما أنك تحب السيارات سأعطيك مثلا بالسيارة، فإن العادم الذي يخرج من السيارة سيئ وضار لو نظرت إليه وحده، بينما لو علمت أن العادم هذا مفيد لحركة السيارة لصرت تنظر إليه بزاوية مختلفة ولا تسميه شرا لأن فيه خيرا كثيرا في دفع السيارة وحركتها، قال: الآن فهمت المقصود، إذن كل شر أكيد فيه خير ولكني أحيانا لا أشاهده، قلت: نعم وهذه نظرة المسلمين للأحداث بالحياة وعلينا الإيمان بالقدر خيره وشره، فالأصل في الحياة الخير وليس الشر، فالأطفال الطبيعيون هم الأصل والمعاقون هم الاستثناء، والحياة المستقرة هي الأصل والكوارث استثناء، وقصة موسى عليه السلام مع العبد الصالح تفسر لنا كيف ينبغي لنا أن ننظر للصورة كاملة حتى نشاهد عدل الله ورحمته في الأقدار..
قال: الآن فهمت، قلت: نحن المسلمين نؤمن بأن بعضنا لبعض عدو، وأن الإنسان مبتلى ويتعرض لامتحان بالحياة، وما تسميه أنت شر هو امتحان للمسلم لينظر الله هل يصبر وينجح بالاختبار ويرضى بالقدر خيره وشره أم لا، لأن هدف وجودنا عبادة الله، والله يختبرنا بالخير والشر لينظر مدى صبرنا ورضانا وإيماننا، قال تعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة)، قال: الآن وضحت الصورة يا أبي،
قلت: وهناك صورة أكبر لا بد أن تراها كذلك حتى يكون حكمك على الشر الذي تراه صحيحا، وهي أنك تنظر للدنيا والآخرة عند رؤيتك للأحداث فالدنيا هي جزء من الحياة وليست كل الحياة، فالفقير قد يكون شقيا بالدنيا ولكنه سعيد بالآخرة، وهذه زاوية أخرى لا بد أن تراعيها بالحكم على أحداث الحياة، قال: الآن فهمت عدل الله ورحمته في أحداث الحياة وعرفت كيف أنظر للشر بعين العدل والرحمة.
@drjasem