مات طبيب الغلابة قبل أسبوع، ونحسبه والله حسيبه قد حمل معه جبالا من الحسنات.
رحل طبيب الغلابة تشيعه دموع ودعوات الغلابة!
من للغلابة بعدك يا محمد؟.. لقد ذهبت واتسعت دائرة الغلابة.. كلنا غلابة الترف.. كلنا غلابة الحرص على الدنيا.. كلنا غلابة البحث عن السعادة التي وجدتها بسندويتش طعمية وبعلاج الغلابة.. من الصبح للمغربية!
مشاعر الحب والنبل هي وحدها من تهز الأرض وتحدث التغيير الكبير فيها.. لن أذهب بعيدا بعد أن أصبحت الأرض قرية صغيرة تصلنا رواياتها من كل مكان.. وليس للإنسانية وطن.. لأنها قيمة الإنسان التي يرتفع بها حتى لو جاء الوفاء بعد مماته.
سآخذكم إلى فرنسا لنعيش قصة بل رواية الحلاق الذي أصبح مشهورا وليس لمهنته دور في هذه الشهرة وذلك الثراء ولكنها تحدث على طريقة (جاور السعيد تسعد).. فقد تعرف الفنان العبقري بيكاسو على حلاقه الخاص أرياس سنة 1944، ونشأت بينهما صداقة عميقة، وبقيت هذه العلاقة قائمة حتى وفاة بيكاسو سنة 1973.
فالحلاق الإسباني -ومعروف أن بيكاسو إسباني- كان في فرنسا في الفترة التي عاشها بيكاسو وكان يرفض أن يتقاضى أجرا كلما أتى إليه بيكاسو فكان الفنان يكافئه بأن يهديه بعض لوحاته. جمع الحلاق خلال هذه الفترة 60 لوحة من لوحات الفنان الكبير. وبعد وفاة بيكاسو سارعت المتاحف العالمية الكبرى تعرض على الحلاق ملايين الدولارات لشراء هذه اللوحات، لكنه رفض هذه الإغراءات، وفضل أن يقدم هذا الكنز والإرث الثمين إلى قريته الإسبانية الصغيرة Buitrago del Lozoya التي تقع شمال العاصمة مدريد. وهكذا ضحى بملايين الدولارات لكي يرفع من شأن قريته ويجعل منها مقصدا سنويا للملايين من عشاق بيكاسو حول العالم فساهم في خلق نشاط اقتصادي كبير لهذه القرية.
توفي حلاق بيكاسو في العام 2008 وقد ودعته بلدته الصغيرة وإسبانيا كلها كما يودع الأبطال، ولم يزل متحفه الذي افتتح في العام 1985 والمسمى «متحف حلاق بيكاسو» مفتوحا في قريته. وقد تحولت هذه القرية الإسبانية الصغيرة إلى أهم الأماكن السياحية في إسبانيا وتحول أرياس إلى أشهر وأنبل حلاقي العالم بعدما كان منسيا ككل الفقراء!
النبل يا أصدقاء هو كنز الفقراء.. ما أجمل الغلابة!
mbajunaid@